وقرأ حمزة والكسائي (فلإمه)، وفي (إمها) ونحوه بكسر الهمزة والميم، وحمزة (بطون إمهاتكم) و (بيوت إمهاتكم) بكسرهما، والكسائي بكسر الهمزة وفتح الميم، والباقون بضم الهمزة في الجميع. وقرأ ابن عامر، وابن كثير، وأبو بكر، عن عاصم (يوصى) بفتح الصاد في الموضعين. وقرأ حفص: الأولى بكسر الصاد، والثانية بالفتح، والباقون بكسرهما.
الحجة: الاختيار في (واحدة) النصب، لأن التي قبلها لها خبر منصوب وهو قوله (فإن كن نساء): أي وإن كانت الورثة واحدة. ووجه الرفع إن وقعت واحدة، أوجدت واحدة، أي إن حدث حكم واحدة، لأن المراد حكمها، لا ذاتها، ووجه قراءة حمزة والكسائي (فلإمه) بكسر الهمزة: إن الهمزة حرف مستثقل، بدلالة تخفيفهم لها، فأتبعوها ما قبلها من الكسرة والياء، ليكون العمل فيها من وجه واحد.
ويقوي ذلك أنها تقارب الهاء، وقد فعلوا ذلك بالهاء في نحو عليه وبه. ومن قرأ (يوصي) فلأن ذكر الميت قد تقدم في قوله (فإن كان له أخوة فلأمه السدس) ومن قرأ (يوصى) فإنما يحسنه أنه ليس بميت معين، إنما هو شائع في الجميع، فهو في المعنى يؤول إلى (يوصي).
الإعراب: (للذكر مثل حظ الأنثيين): جملة من مبتدأ وخبر تفسير لقوله (يوصيكم الله)، وإنما لم يقل للذكر مثل حظ الأنثيين بنصب لام مثل، فيعدي قوله (يوصيكم) إليه لأنه في تقرير القول في حكاية الجملة بعده، فكأنه قال. قال الله في أولادكم: للذكر مثل حظ الأنثيين. وقوله: الثلث والسدس والربع ونحوها، يجوز فيها التخفيف، لثقل الضم، فيقال: ثلث وسدس، وربع، وثمن. قال الزجاج: ومن زعم أن الأصل التخفيف فيها فثقل فخطأ، لأن الكلام موضوع على الإيجاز، لا على التثقيل، وإنما قيل للأب والأم أبوان تغليبا للفظ الأب، ولا يلزم أن يقال في ابن وابنة ابنان، لأنه يوهم، فإن لم يوهم جاز ذلك ذكره الزجاج.
و (فريضة): منصوب على التأكيد والحال من قوله (لأبويه)، ولهؤلاء الورثة ما ذكرنا مفروضا، ففريضة مؤكدة لقوله (يوصيكم الله)، ويجوز أن يكون نصبا على المصدر من (يوصيكم الله) لأن معناه: يفرض عليكم فريضة.
النزول: روى محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله أنه قال: " مرضت فعادني رسول الله وأبو بكر، وهما يمشيان، فأغمي علي، فدعا بماء، فتوضأ ثم