الحجة: من قرأ بالياء، فلأن ذكر الله قد تقدم، فحمل الكلام على الغيبة.
ومن قرأ بالنون، عدل عن لفظ الغيبة إلى الإخبار عن الله بنون الكبرياء، ويقوي ذلك قوله (بل الله مولاكم)، ثم قال (سنلقي).
اللغة: الحد: الحاجز بين الشيئين، وأصله المنع والفصل. وحدود الدار:
تفصلها عن غيرها. والفوز، والفلاح، نظائر.
الإعراب: (خالدين فيها) نصب على الحال. قال الزجاج: والتقدير يدخلهم، مقدرين الخلود فيها. والحال يستقبل بها، تقول: مررت برجل معه باز صائدا به غدا: أي مقدرا الصيد به غدا وقوله (خالدا فيها) منصوب على أحد وجهين: أحدهما الحال من الهاء في (يدخله نارا) والتقدير على ما ذكرناه.
والآخر: أن يكون صفة لقوله (نارا) وهذا كما تقول: زيد مررت بدار ساكن فيها، فيكون على حذف الضمير من ساكن هو فيها، لأن اسم الفاعل إذا جرى على غير من هو له، لم يتضمن الضمير، كما يتضمنه الفعل. ولو قلت: يسكن فيها، يجب إبرازه، فتقول: زيد مررت بدار ساكن هو فيها.
المعنى: لما فرض الله فرائض المواريث، عقبها بذكر الوعد في الائتمار لها، والوعيد على التعدي لحدودها، فقال (تلك حدود الله): أي هذه التي بينت في أمر الفرائض، وأمر اليتامى، حدود الله: أي الأمكنة التي لا ينبغي أن تتجاوز، عن الزجاج، واختلف في معنى الحدود على أقوال أحدها: تلك شروط الله، عن السدي. وثانيها: تلك طاعة الله، عن ابن عباس. وثالثها: تلك تفصيلات الله لفرائضه، وهو الأقوى. فيكون المراد: هذه القسمة التي قسمها الله لكم، والفرائض التي فرضها الله لأحيائكم من أمواتكم، فصول بين طاعة الله ومعصيته، فإن معنى حدود الله: حدود طاعة الله، وإنما اختصر لوضوح معناه للمخاطبين (ومن يطع الله ورسوله) فيما أمر به من الأحكام. وقيل: فيما فرض له من فرائض المواريث (يدخله جنات تجري من تحتها) أي من تحت أشجارها وأبنيتها (الأنهار): أي ماء الأنهار، حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، في الموضعين (خالدين فيها): أي دائمين فيها (وذلك الفوز العظيم) أي الفلاح العظيم، وصفه بالعظيم، ولم يبين بالإضافة إلى ماذا. والمراد: إنه عظيم بالإضافة إلى منفعة الحيازة في التركة من حيث كان أمر الدنيا حقيرا بالإضافة إلى أمر الآخرة، وإنما خص الله الطاعة في