فتأويل الرفيقين في البيت: العموم والإشاعة. ألا ترى أنه لا يجوز أن يكون رفيقان اثنان لكل رحل، وبعده، فإذا كانوا قد استجازوا تثنية الجمع الذي بني للكثرة كقوله:
لأصبح القوم أو بادا ولم يجدوا * عند التفرق في الهيجا جمالين (1) وقبله:
سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا * فكيف لو قد سعى عمرو عقالين (2) وقول أبي النجم (بين رماحي نهشل، وعقيل) ونحو ما حكاه سيبويه من قولهم:
لقاحان سوداوان، فإن تجوز تثنية اسم الجنس أجدر، لأنه على لفظ الواحد، فالتثنية فيه أحسن إذ هو أشبه بألفاظ الأفراد.
الاعراب: فال أبو علي: إعلم أن يدا كلمة نادرة، ووزنها فعل، يدلك على ذلك قولهم أيد وجمعهم له على أفعل، كأكلب وأنفس، يدل على أنه فعل كما دل آباء وآخاء على أن وزن أب وأخ فعل. واللام منه الياء، وهو من باب سلس وقلق، لا يعلم لذلك في الكلام نظير، والذي يدل على ذلك يديت إليه يدا، ولا يعلم في الواو مثله، ألا ترى أنه لم يجئ مثل دعوت، وقد جاء في الأسماء ذلك، وهو قولهم واو، وأما قولهم: " ذهبوا أيادي سبا " إذا أرادوا الافتراق، وقول ذي الرمة:
فيا لك من دار تحمل أهلها * أيادي سبا بعدي وطال احتيالها وهو في موضع حال، لأنه كقولك ذهبوا متفرقين، وإذا كان كذلك لا يصلح إضافتها لان سبا معرفة، فيكون المضاف إليه معرفة، فإذا كان معرفة، وجب أن لا يكون حالا، قال: والوجه فيها عندي أن لا يقدر فيها الإضافة، ولكن يجعل الاسمان بمنزلة اسم واحد، كحضرموت فيمن لم يضف، وكان القياس أن يتحرك اللام من أيادي بالفتح في موضع النصب، إلا أنهم أسكنوه ولم يحركوه، وشبهوه بالحالتين