وخرجوا كافرين، لأنه لا يريد أنهم دخلوا يحملون شيئا، وهو كقولك: خرج زيد بثيابه أي: وثيابه عليه، يريد خرج لابسا ثيابه، ومثله قول الشاعر:
ومستنة كاستنان الخرو * ف قد قطع الحبل بالمرود (1) أي: وفيه المرود، يعني وهذه صفته. والفرق بين قولك متى جاؤوكم، وإذا جاؤوكم: إن متى يتضمن معنى أن الجزاء، ويعمل فيه جاؤوكم، ولا يجوز أن يعمل في إذا لان إذا مضاف إلى ما بعده، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف، لأنه من تمامه. (لبئس) اللام فيه: لام القسم، ولا يجوز أن يكون لام الابتداء، لأنها لا تدخل على الفعل إلا في باب إن خاصة، لأنها أخرت إلى الخبر، لئلا يجتمع حرفان متفقان في المعنى. وقوله: (لبئس ما كانوا يعملون) يدل على أن المدح والذم يكونان بالأفعال، لأنه بمنزلة لبئس العمل عملهم، وما يحتمل أمرين أحدهما: أن تكون كافة كما تكون في إنما زيد منطلق، وليتما عمرو قائم، فلا يكون لها على هذا موضع (2) الثاني: أن يكون نكرة موصوفة، كأنه قيل: لبئس شيئا كانوا يعملون.
ولولا ههنا بمعنى هلا. قال علي بن عيسى: وأصلها التقرير لوجوب الشئ عن الأول، فنقلت إلى التحضيض على فعل الثاني، من أجل الأول، وإن لم يذكر لا، ولا بد معها من لا، لأنه دخلها معنى لم لا تفعل. ومتى قيل: كيف تدخل لولا على الماضي، وهي للتحضيض، وفي التحضيض معنى الامر. قيل: لأنها تدخل للتحضيض والتوبيخ، فإذا كانت مع الماضي، فهو توبيخ كقوله تعالى: (لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء).
المعنى: ثم أخبر الله تعالى عن هؤلاء المنافقين بقوله (وإذا جاؤوكم) أيها المؤمنون (قالوا أمنا) أي: صدقنا (وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به) قيل فيه قولان أحدهما: إنهم دخلوا به على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وخرجوا به من عنده، أي:
دخلوا وخرجوا كافرين، والكفر معهم في كلتا حالتيهم، عن الحسن، وقتادة.
والثاني: إن معناه وقد دخلوا به في أحوالهم، وخرجوا به إلى أحوال أخر، كقولك: