بضم الزاي وتحقيق الهمزة، وهو الأصل والأجود. وإن شئت قلت (هزوا) وأبدلت من الهمزة واوا، لانضمام ما قبلها. وإن شئت قلت (هزءا) بإسكان الزاي وتحقيق الهمزة. فهذه الأوجه الثلاثة جيدة يقرأ بهن، وفيها وجه آخر لا يجوز القراءة به، وهو أن يقول هزا مثل هدى، وذلك أنه يجوز إذا أردت تخفيف همزة هزءا أن تطرح حركتها إلى الزاي، كما تقول رأيت خبا تريد خباء.
اللغة: الهزؤ: السخرية، وهو إظهار ما يلهي تعجبا مما يجري، قال الله تعالى: (ولقد استهزئ برسل من قبلك) وقال الشاعر:
ألا هزأت وأعجبها المشيب * فلا نكر لديك ولا عجيب يقال هزأ به هزأ وتهزأ واستهزأ. واللعب: الأخذ على غير طريق الحق، ومثله العبث: وأصله من لعاب الصبي، يقال لعب يلعب: إذا سال لعابه، لأنه يخرج إلى غير جهته، فلذلك اللاعب يمر إلى غير جهة الصواب.
النزول: قيل كان رفاعة بن زيد بن التابوت، وسويد بن الحرث، قد أظهرا الاسلام، ثم نافقا، وكان رجال من المسلمين يوادونهما، فنزلت الآية، عن ابن عباس.
المعنى: ثم أكد سبحانه النهي عن موالاة الكفار فقال (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا) أي: أظهروا الايمان باللسان، واستبطنوا الكفر، فذلك معنى تلاعبهم بالدين. (من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) يعني:
اليهود والنصارى. (والكفار) بالجر أي: ومن الكفار (أولياء) بطانة وأخلاء، فيكون الهزء من الكتابي ومن المشرك والمنافق، ويدل على استهزاء المشركين، قوله سبحانه: (إنا كفيناك المستهزئين الذين يجعلون مع الله إلها آخر) ويدل على استهزاء المنافقين قوله: (وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون) وكل من ذكرنا من المشركين، والمنافقين، ومن لم يسلم من اليهود والنصارى، يقع عليه اسم كافر يدل على ذلك قوله (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين) فإذا وقع على المستهزئين اسم كافر حسن أن يكون قوله (والكفار) تبيينا للاسم الموصول، وهو الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا، كما كان قوله (من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) تبيينا له. ولو قال من الكفار فبين به، لعم الجميع، ولكن