كليهما على ما سنبينه إن شاء تعالى.
اللغة: الجنب: يقع على الوحدة، والجمع، والمذكر والمؤنث، كما يقال رجل عدل، وقوم عدل ورجل زور، وقوم زور، يقال: رجل جنب، وقوم جنب، ورجلان جنب، وامرأة جنب، وإنما هو على تأويل ذو جنب، لأنه مصدر، والمصدر يقوم مقام ما أضيف إليه، ومن العرب من يثني، ويجمع، ويجعل المصدر بمنزلة اسم الفاعل، وأجنب الرجل، وجنب، واجتنب، وأصل الجنابة: البعد. قال علقمة:
فلا تحرمني نائلا عن جنابة * فإني أمرؤ وسط القباب غريب (فاطهروا) معناه فتطهروا، إلا أن التاء أدغم في الطاء، فسكن أول الكلمة، فزيد فيها ألف الوصل، فقيل: اطهروا.
المعنى: لما تقدم الامر بالوفاء بالعقود، ومن جملتها إقامة الصلاة ومن شرائطها الطهارة، بين سبحانه ذلك بقوله (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتهم إلى الصلاة) معناه:
إذا أردتم القيام إلى الصلاة، وأنتم على غير طهر. وحذف الإرادة، لان في الكلام دلالة على ذلك، ومثله قوله: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة) والمعنى إذا أردت قراءة القرآن، وإذا كنت فيهم، فإذا أردت أن تقيم لهم الصلاة) وهو قول ابن عباس، وأكثر المفسرين. وقيل: معناه إذا أردتم القيام إلى الصلاة، فعليكم الوضوء، عن عكرمة، وإليه ذهب داود، قال: وكان علي عليه السلام يتوضأ لكل صلاة، ويقرأ هذه الآية، وكان الخلفاء يتوضؤون لكل صلاة.
والقول الأول هو الصحيح، وإليه ذهب الفقهاء كلهم، وما رووه من تجديد الوضوء فمحمول على الندب والاستحباب. وقيل: إن الفرض كان في بدء الاسلام التوضؤ عند كل صلاة، ثم نسخ بالتخفيف، وبه قال ابن عمر، قال: حدثتني أسماء بنت زيد بن الخطاب، أن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الغسيل، حدثها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بالوضوء عند كل صلاة، فشق ذلك عليه، فأمر بالسواك، ورفع عنه الوضوء، إلا من حدث، فكان عبد الله يرى أن فرضه على ما كان عليه، فكان يتوضأ.
وروى سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتوضأ لكل صلاة، فلما كان عام الفتح، صلى الصلاة كلها بوضوء واحد، فقال عمر بن