الخطاب: يا رسول الله! صنعت شيئا ما كنت تصنعه؟ قال: أعمدا فعلته يا عمر؟
وقيل: إن هذا إعلام بأن الوضوء لا يجب إلا للصلاة، لأنه روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا أحدث، امتنع من الاعمال كلها، حتى إنه لا يرد جواب السلام، حتى يتطهر للصلاة، ثم يجيب حتى نزلت هذه الآية. (فاغسلوا وجوهكم) هذا أمر منه سبحانه بغسل الوجه والغسل، هو إمرار الماء على المحل، حتى يسيل، والمسح أن يبل المحل بالماء، من غير أن يسيل، واختلف في حد الوجه: فالمروي عن أئمتنا عليهم السلام، أنه من قصاص شعر الرأس، إلى محادر شعر الذقن، طولا، وما دخل بين الابهام والوسطى عرضا، وقيل: حده ما ظهر من بشرة الانسان من قصاص شعر رأسه، منحدرا إلى منقطع ذقنه طولا، وما بين الاذنين عرضا، دون ما غطاه الشعر من الذقن وغيره، أو كان داخل الفم، والأنف، والعين، فإن الوجه عندهم ما ظهر لعين الناظر، ويواجهه دون غيره، كما قلناه، وهو المروي، عن ابن عباس، وابن عمر، والحسن، وقتادة، والزهري، والشعبي، وغيرهم، وإليه ذهب أبو حنيفة، وأصحابه. وقيل: الوجه كل ما دون منابت الشعر من الرأس إلى منقطع الذقن طولا، ومن الاذن إلى الاذن عرضا، ما ظهر من ذلك لعين الناظر، من منابت شعر اللحية والعارض، وما بطن، وما كان منه داخل الفم والأنف، وما أقبل من الاذنين على الوجه، عن أنس بن مالك، وأم سلمة، وعمار، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وجماعة، وإليه ذهب الشافعي.
(وأيديكم إلى المرافق) أي: واغسلوا ذلك أيضا، والمرافق: جمع مرفق، وهو المكان الذي يرتفق به أي: يتكأ عليه من اليد. قال الواحدي: كثير من النحويين يجعلون إلى هنا بمعنى مع ويوجبون غسل المرفق، وهو مذهب أكثر الفقهاء. وقال الزجاج: لو كان معناه مع المرافق لم يكن في المرافق فائدة، وكانت اليد كلها يجب أن تغسل، لكنه لما قيل (إلى المرافق) اقتطعت في الغسل من حد المرفق. فالمرافق: حد ما ينتهي إليه في الغسل منها، والظاهر على ما ذكره، لكن الأمة أجمعت على أن من بدأ من المرفقين في غسل اليدين، صح وضوؤه. واختلفوا في صحة وضوء من بدأ من الأصابع إلى المرفق، وأجمعت الأمة أيضا على أن من غسل المرفقين، صح وضوؤه، واختلقوا في من لم يغسلهما، هل يصح وضوؤه.
وقال الشافعي: لا أعلم خلافا في أن المرافق يحب غسلها، ومما جاء في القرآن إلى بمعنى مع قوله تعالى: (من أنصاري إلى الله) أي: مع الله، وقوله (ولا تأكلوا