الدارقطني و هو و هم و الأغر المذكور لقب و اسمه سلمان و يكنى أبا عبد الله و هو مدني و لهم راو آخر يقال له الأغر أيضا لكنه اسمه و كنيته أبو مسلم و هو كوفي و قد جاء هذا الحديث من طريقه أيضا أخرجه مسلم من رواية أبي إسحق السبيعي عنه عن أبي هريرة و أبي سعيد جميعا مرفوعا و غلط من جعلهما واحدا و رواه عن أبي هريرة أيضا سعيد بن مرجانة و أبو صالح عند مسلم و سعيد المقبري و عطاء مولى أم صبية بالمهلة مصغرا و أبو جعفر المدني و نافع بن جبير بن مطعم كلهم عند النسائي و في الباب عن علي و ابن مسعود و عثمان بن أبي العاص و عمرو بن عنبسة عند أحمد و عن جبير بن مطعم و رفاعة الجهني عند النسائي و عن أبي الدرداء و عبادة بن الصامت و أبي الخطاب غير منسوب عند الطبراني و عن عقبة بن عامر و جابر وجد عبد الحميد بن سلمة عند الدارقطني في كتاب السنة و سأذكر ما في رواياتهم من فائدة زائدة (قوله عن أبي سلمة و أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة) في رواية عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن و أبو عبد الله الأغر صاحب أبي هريرة أن أبا هريرة أخبرهما (قوله ينزل ربنا إلى السماء الدنيا) استدل به من أثبت الجهة و قال هي جهة العلو و أنكر ذلك الجمهور لأن القول بذلك يفضى إلى التحيز تعالى الله عن ذلك وقد اختلف في معنى النزول على أقوال فمنهم من حمله على ظاهره و حقيقته و هم المشبهة تعالى الله عن قولهم و منهم من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة و هم الخوارج و المعتزلة و هو مكابرة و العجب إنهم أولوا ما في القرآن من نحو ذلك وانكروا ما في الحديث أما جهلا و أما عنادا ومنهم من اجراه على ما ورد مؤمنا به على طريق الإجمال منزها الله تعالى عن الكيفية و التشبيه و هم جمهور السلف ونقله البيهقي و غيره عن الأئمة الأربعة و السفيانين و الحمادين و الأوزاعي و الليث و غيرهم و منهم من أوله على وجه يليق مستعمل في كلام العرب و منهم من أفرط في التأويل حتى كاد أن يخرج إلى نوع من التحريف و منهم من فصل بين ما يكون تأويله قريبا مستعملا في كلام العرب و بين ما يكون بعيدا مهجورا فأول في بعض وفوض في بعض و هو منقول عن مالك وجزم به من المتأخرين ابن دقيق العيد قال البيهقي و أسلمها الإيمان بلا كيف و السكوت عن المراد الا أن يرد ذلك عن الصادق فيصار إليه و من الدليل على ذلك اتفاقهم على أن التأويل المعين غير واجب فحينئذ التفويض أسلم و سيأتي مزيد بسط في ذلك في كتاب التوحيد أن شاء الله تعالى و قال ابن العربي حكى عن المبتدعة رد هذه الأحاديث و عن السلف امرارها و عن قوم تأويلها و به أقول فأما قوله ينزل فهو راجع إلى أفعاله لا إلى ذاته بل ذلك عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره و نهيه و النزول كما يكون في الأجسام يكون في المعاني فإن حملته في الحديث على الحسي فتلك صفة الملك المبعوث بذلك و أن حملته على المعنوي بمعنى أنه لم يفعل ثم فعل فيسمى ذلك نزولا عن مرتبة إلى مرتبة فهي عربية صحيحة انتهى و الحاصل أنه تأوله بوجهين أما بان المعنى ينزل أمره أو الملك بأمره وأما بأنه استعارة بمعني التلطف بالداعين و الإجابة لهم و نحوه و قد حكى أبو بكر بن فورك أن بعض المشايخ ضبطه بضم أوله على حذف المفعول أي ينزل ملكا و يقويه ما رواه النسائي من طريق الأغر عن أبي هريرة و أبي سعيد بلفظ أن الله يمهل حتى يمضي شطر الليل ثم يأمر مناديا يقول هل من داع فيستجاب له الحديث و في حديث عثمان بن أبي العاص ينادي مناد هل من داع يستجاب له الحديث قال القرطبي و بهذا يرتفع الاشكال
(٢٥)