أهل العلم في أصل المسألة فذهب الشافعي إلى أنه غير واجب فقال هذا أما أن يكون منسوخا أو يكون قام لعلة و أيهما كان فقد ثبت أنه تركه بعد فعله و الحجة في الآخر من أمره و القعود أحب إلى انتهى و أشار بالترك إلى حديث علي أنه صلى الله عليه و سلم قام للجنازة ثم قعد أخرجه مسلم قال البيضاوي يحتمل قول على ثم قعد أي بعد أن جاوزته و بعدت عنه و يحتمل أن يريد كان يقوم في وقت ثم ترك القيام أصلا و على هذا يكون فعله الأخير قرينة في أن المراد بالأمر الوارد في ذلك الندب و يحتمل أن يكون نسخا للوجوب المستفاد من ظاهر الأمر و الأول أرجح لأن احتمال المجاز يعني في الأمر أولي من دعوى النسخ انتهى و الاحتمال الأول يدفعه ما رواه البيهقي من حديث على أنه أشار إلى قوم قاموا أن يجلسوا ثم حدثهم الحديث و من ثم قال بكراهة القيام جماعة منهم سليم الرازي و غيره من الشافعية و قال ابن حزم قعوده صلى الله عليه و سلم بعد أمره بالقيام يدل على أن الأمر للندب و لا يجوز أن يكون نسخا لأن النسخ لا يكون الا بنهي أو بترك معه نهي انتهى و قد ورد معنى النهى من حديث عبادة قال كان النبي صلى الله عليه و سلم يقوم للجنازة فمر به حبر من اليهود فقال هكذا نفعل فقال اجلسوا و خالفوهم أخرجه أحمد و أصحاب السنن الا النسائي فلو لم يكن إسناده ضعيفا لكان حجة في النسخ و قال عياض ذهب جمع من السلف إلى أن الأمر بالقيام منسوخ بحديث علي و تعقبه النووي بان النسخ لا يصار إليه الا إذا تعذر الجمع و هو هنا ممكن قال و المختار أنه مستحب و به قال المتولي انتهى و قول صاحب المهذب هو على التخيير كأنه مأخوذ من قول الشافعي المتقدم لما تقتضيه صيغة أفعل من الاشتراك و لكن القعود عنده أولى و عكسه قول ابن حبيب و ابن الماجشون من المالكية كان قعوده صلى الله عليه و سلم لبيان الجواز فمن جلس فهو في سعة و من قام فله أجر واستدل بحديث الباب على جواز إخراج جنائز أهل الذمة نهارا غير متميزة عن جنائز المسلمين أشار إلى ذلك الزين بن المنير قال و إلزامهم بمخالفة رسوم المسلمين وقع اجتهادا من الأئمة و يمكن أن يقال إذا ثبت النسخ للقيام تبعه ما عداه فيحمل على أن ذلك كان عند مشروعية القيام فلما ترك القيام منع من الاظهار (قوله و قال أبو حمزة) هو السكري و عمرو هو ابن مرة المذكور في الإسناد الذي قبله و قد وصله أبو نعيم في المستخرج من طريق عبدان عن أبي حمزة و لفظه نحو حديث شعبة الا أنه قال في روايته فمرت عليهما جنازة فقاما و لم يقل فيه بالقادسية و أراد المصنف بهذا التعليق بيان سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى لهذا الحديث من سهل و قيس (قوله و قال زكرياء) هو ابن أبي زائدة و طريقه هذه موصولة عند سعيد بن منصور عن سفيان بن عيينة عنه و أبو مسعود المذكور فيها هو البدري و يجمع بين ما وقع فيه من الاختلاف بان عبد الرحمن ابن أبي ليلى ذكر قيسا و سهلا مفردين لكونهما رفعا له الحديث و ذكره مرة أخرى عن قيس و أبي مسعود لكون أبي مسعود لم يرفعه و الله أعلم (قوله باب حمل الرجال الجنازة دون النساء) قال ابن رشيد ليست الحجة من حديث الباب بظاهرة في منع النساء لأنه من الحكم المعلق على شرط و ليس فيه أن لا يكون الواقع إلا ذلك و لو سلم فهو من مفهوم اللقب ثم أجاب بأن كلام الشارع مهما أمكن حمله على التشريع لا يحمل على مجرد الإخبار عن الواقع و يؤيده العدول عن المشاكلة في الكلام حيث قال إذا وضعت فاحتملها الرجال و لم يقل فاحتملت فلما قطع احتملت عن مشاكلة
(١٤٥)