بصمغ أو غيره ليخف شعثه و كانت عادتهم في الإحرام أن يصنعوا ذلك و قد أنكر عياض هذه الرواية و قال ليس للتلبيد معنى و سيأتي في الحج بلفظ يهل و رواه النسائي بلفظ فإنه يبعث يوم القيامة محرما لكن ليس قوله ملبدا فاسد المعنى بل توجيهه ظاهر (قوله في الرواية الأخرى كان رجل واقفا) كذا لأبي ذر و للباقين واقف على أنه صفة لرجل و كان تامة أي حصل رجل واقف (قوله فأقصعته) أي هشمته يقال اقصع القملة إذا هشمها و قيل هو خاص بكسر العظم و لو سلم فلا مانع أن يستعار لكسر الرقبة و في رواية الكشميهني بتقديم العين على الصاد والقعص القتل في الحال و منه قعاص الغنم و هو موتها قال الزين بن المنير تضمنت هذه الترجمة الاستفهام عن الكيفية مع أنها مبينة لكنها لما كانت تحتمل أن تكون خاصة بذلك الرجل و أن تكون عامة لكل محرم آثر المصنف الاستفهام (قلت) والذي يظهر أن المراد بقوله كيف يكفن أي كيفية التكفين و لم يرد الاستفهام و كيف يظن به أنه متردد فيه و قد جزم قبل ذلك بأنه عام في حق كل أحد حيث ترجم بجواز التكفين في ثوبين (قوله ولا تمسوه) بضم أوله و كسر الميم من أمس قال ابن المنذر في حديث ابن عباس إباحة غسل المحرم (3) الحي بالسدر خلافا لمن كرهه له و أن الوتر في الكفن ليس بشرط في الصحة و أن الكفن من رأس المال لأمره صلى الله عليه و سلم بتكفينه في ثوبيه و لم يستفصل هل عليه دين يستغرق أم لا و فيه استحباب تكفين المحرم في ثياب إحرامه و أن إحرامه باق و أنه لا يكفن في المخيط و فيه التعليل بالفاء لقوله فإنه و فيه التكفين في الثياب الملبوسة و فيه استحباب دوام التلبية إلى أن ينتهي الإحرام و أن الإحرام يتعلق بالرأس لا بالوجه و سيأتي الكلام على ما وقع في مسلم بلفظ ولا تخمروا وجهه في كتاب الحج أن شاء الله تعالى و أغرب القرطبي فحكى عن الشافعي أن المحرم لا يصلى عليه و ليس ذلك بمعروف عنه * (فائدة) * يحتمل اقتصاره له على التكفين في ثوبيه لكونه مات فيهما و هو متلبس بتلك العبادة الفاضلة و يحتمل أنه لم يجد له غيرهما (قوله باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف) قال ابن التين ضبط بعضهم يكف بضم أوله و فتح الكاف و بعضهم بالعكس و الفاء مشددة فيهما و ضبطه بعضهم بفتح أوله و سكون الكاف و تخفيف الفاء و كسرها و الأول أشبه بالمعنى و تعقبه أبن رشيد بأن الثاني هو الصواب قال و كذا وقع في نسخة حاتم الطرابلسي و كذا رأيته في أصل أبي القاسم بن الورد قال و الذي يظهر لي أن البخاري لحظ قوله تعالى استغفر لهم أو لا تستغفر لهم أي أن النبي صلى الله عليه و سلم ألبس عبد الله بن أبي قميصه سواء كان يكف عنه العذاب أو لا يكف استصلاحا للقلوب المؤلفة فكأنه يقول يؤخذ من هذا التبرك بآثار الصالحين سواء علمنا أنه مؤثر في حال الميت أو لا قال و لا يصح أن يراد به سواء كان الثوب مكفوف الأطراف أو غير مكفوف لأن ذلك وصف لا أثر له قال و أما الضبط الثالث فهو لحن إذ لا موجب لحذف الياء الثانية فيه انتهى و قد جزم المهلب بأنه الصواب و أن الياء سقطت من الكاتب غلطا قال ابن بطال و المراد طويلا كان القميص سابغا أو قصيرا فإنه يجوز أن يكفن فيه كذا قال و وجهه بعضهم بأن عبد الله كان مفرط الطول كما سيأتي في ذكر السبب في إعطاء النبي صلى الله عليه و سلم له قميصه و كان النبي صلى الله عليه و سلم معتدل الخلق و قد أعطاه مع ذلك قميصه ليكفن فيه و لم يلتفت إلى كونه ساترا لجميع بدنه أو لا و تعقب بأن حديث جابر دال على أنه كفن في غيره فلا تنتهض الحجة
(١١٠)