أورد فيه حديث ابن عباس في الجمع بين الصلاتين و قد تقدم الكلام عليه في المواقيت و مطابقته للترجمة أن الجمع يقتضي عدم التخلل بين الصلاتين بصلاة راتبه أو غيرها فيدل على ترك التطوع بعد الأولى و هو المراد و أما التطوع بعد الثانية فمسكوت عنه و كذا التطوع قبل الأولى محتمل (قوله باب صلاة الضحى في السفر) ذكر فيه حديث مورق قلت لابن عمر أتصلي الضحى قال لا قلت فعمر قال لا قلت فأبو بكر قال لا قلت فالنبي صلى الله عليه و سلم قال لا أخاله و حديث أم هانئ في صلاة الضحى يوم فتح مكة و قد أشكل دخول هذا الحديث في هذه الترجمة و قال ابن بطال ليس هو من هذا الباب و إنما يصلح في باب من لم يصل الضحى و أظنه من غلط الناسخ و قال ابن المنير الذي يظهر لي أن البخاري لما تعارضت عنده الأحاديث نفيا كحديث ابن عمر هذا و اثباتا كحديث أبي هريرة في الوصية له أن يصلي الضحى نزل حديث النفي على السفر و حديث الاثبات على الحضر و يؤيد ذلك أنه ترجم لحديث أبي هريرة صلاة الضحى في الحضر و تقدم عن ابن عمر أنه كان يقول لو كنت مسبحا لأتممت في السفر و أما حديث أم هانئ ففيه إشارة إلى أنها تصلي في السفر بحسب السهولة لفعلها و قال بن رشيد ليس حديث أبي هريرة التصريح بالحضر لكن استند ابن المنير إلى قوله فيه ونم على وتر فإنه يفهم منه كون ذلك في الحضر لأن المسافر غالب حالة الاستيفاز و سهر الليل فلا يفتقر لايصاء أن لا ينام الا على وتر و كذا الترغيب في صيام ثلاثة أيام قال ابن رشيد و الذي يظهر لي أن المراد باب صلاة الضحى في السفر نفيا و اثباتا و حديث ابن عمر ظاهره نفى ذلك حضرا و سفرا و أقل ما يحمل عليه نفى ذلك في السفر لما تقدم في باب من لم يتطوع في السفر عن ابن عمر قال صحبت النبي صلى الله عليه و سلم فكان لا يزيد على ركعتين قال و يحتمل أن يقال لما نفى صلاتها مطلقا من غير تقييد بحضر و لا بسفر و أقل ما يتحقق حمل اللفظ عليه السفر و يبعد حمله على الحضر دون السفر فحمل على السفر لأنه المناسب للتخفيف لما عرف من عادة ابن عمر أنه كان لا يتنفل في السفر نهارا قال و أورد حديث أم هانئ ليبين أنها إذا كانت في السفر حال طمأنينة تشبه حالة الحضر كالحلول بالبلد شرعت الضحى و إلا فلا (قلت) و يظهر لي أيضا أن البخاري أشار بالترجمة المذكورة إلى ما رواه أحمد من طريق الضحاك بن عبد الله القرشي عن أنس بن مالك قال رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى في السفر سبحة الضحى ثمان ركعات فأراد أن تردد ابن عمر في كونه صلاها أو لا لا يقتضي رد ما جزم به أنس بل يؤيده حديث أم هانئ في ذلك و حديث أنس المذكور صححه ابن خزيمة و الحاكم (قوله عن توبة) بمثناة مفتوحه و واو ساكنه ثم موحدة مفتوحة و هو ابن كيسان العنبري البصري تابعي صغير ما له عند البخاري سوى هذا الحديث و حديث آخر (قوله عن مورق) بفتح الواو وكسر الراء الثقيلة و في رواية غندر عن شعبة عند الإسماعيلي سمعت مورقا العجلي و هو بصري ثقة و كذا من دونه في الإسناد و ليس لمورق في البخاري عن ابن عمر سوى هذا الحديث (قوله لا أخاله) بكسر الهمزة وتفتح أيضا و الخاء معجمه أي لا أظنه و كان سبب توقف ابن عمر في ذلك أنه بلغه عن غيره أنه صلاها و لم يثق بذلك عمن ذكره و قد جاء عنه الجزم بكونها محدثة فروى سعيد ابن منصور بإسناد صحيح عن مجاهد عن ابن عمر أنه قال أنها محدثة و إنها لمن أحسن ما أحدثوا و سيأتي في أول أبواب العمرة من وجه آخر عن مجاهد قال دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد
(٤٢)