خرج من عندها وهو قرير العين ثم رجع وهو كئيب فقال دخلت الكعبة فأخاف أن أكون شققت على أمتي فقد يتمسك به لصاحب هذا القول المحكي لكون عائشة لم تكن معه في الفتح ولا في عمرته بل سيأتي بعد بابين أنه لم يدخل في الكعبة في عمرته فتعين أن القصة كانت في حجته وهو المطلوب وبذلك جزم البيهقي وإنما لم يدخل في عمرته لما كان في البيت من الأصنام والصور كما سيأتي وكان إذ ذاك لا يتمكن من إزالتها بخلاف عام الفتح ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم قال ذلك لعائشة بالمدينة بعد رجوعه فليس في السياق ما يمنع ذلك وسيأتي النقل عن جماعة من أهل العلم أنه لم يدخل الكعبة في حجته وفيه استحباب الصلاة في الكعبة وهو ظاهر في النقل ويلتحق فيه الفرض إذ لا فرق بينهما في مسئلة الاستقبال للمقيم وهو قول الجمهور وعن ابن عباس لا تصح الصلاة داخلها مطلقا وعلله بأنه يلزم من ذلك استدبار بعضها وقد ورد الأمر باستقبالها فيحمل على استقبال جميعها وقال به بعض المالكية والظاهرية والطبري وقال المازري المشهور في المذهب منع صلاة الفرض داخلها ووجوب الإعادة وعن ابن عبد الحكم الإجزاء وصححه ابن عبد البر وابن العربي وعن ابن حبيب يعيد أبدا وعن أصبغ إن كان معتمدا وأطلق الترمذي عن مالك جواز النوافل وقيده بعض أصحابه بغير الرواتب وما تشرع فيه الجماعة وفي شرح العمدة لابن دقيق العيد كره مالك الفرض أو منعه فكأنه أشار إلى اختلاف النقل عنه في ذلك ويلتحق بهذه المسئلة الصلاة في الحجر ويأتي فيها الخلاف السابق في أول الباب في الصلاة إلى جهة الباب نعم إذا استدبر الكعبة واستقبل الحجر لم يصح على القول بأن تلك الجهة منه ليست من الكعبة ومن المشكل ما نقله النووي في زوائد الروضة عن الأصحاب أن صلاة الفرض داخل الكعبة إن لم يرج جماعة أفضل منها خارجها ووجه الإشكال أن الصلاة خارجها متفق على صحتها بين العلماء بخلاف داخلها فكيف يكون المختلف في صحته أفضل من المتفق (قوله باب الصلاة في الكعبة) أورد فيه حديث ابن عمر في ذلك من طريق عبد الله بن المبارك عن موسى بن عقبة عن نافع (قوله قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة أي مقابل (قوله يتوخى) بتشديد الخاء المعجمة أي يقصد (قوله وليس على أحد بأس الخ) الظاهر أنه من كلام ابن عمر مع احتمال أن يكون من كلام غيره وقد تقدم الحديث المرفوع في كتاب الصلاة في باب الصلاة بين السواري (قوله باب من لم يدخل الكعبة) كأنه أشار بهذه الترجمة إلى الرد على من زعم أن دخولها من مناسك الحج وقد تقدم البحث فيه قبل بباب واقتصر المصنف على الاحتجاج بفعل ابن عمر لأنه أشهر من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم دخول الكعبة فلو كان دخولها عنده من المناسك لما أخل به مع كثرة أتباعه (قوله وكان ابن عمر الخ) وصله سفيان الثوري في جامعه من رواية عبد الله بن الوليد العدني عنه عن حنظلة عن طاوس قال كان ابن عمر يحج كثيرا ولا يدخل البيت وأخرجه الفاكهي في كتاب مكة من هذا الوجه (قوله خالد بن عبد الله) هو الطحان البصري وهذا الإسناد نصفه بصري ونصفه كوفي (قوله اعتمر) أي في سنة سبع عام القضية (قوله أدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة) الهمزة للاستفهام أي في تلك العمرة (قال لا) قال النووي قال العلماء سبب ترك دخوله ما كان في البيت من الأصنام والصور ولم يكن
(٣٧٤)