والوقص كسر العنق ويحتمل أن يكون فاعل وقصته الوقعة أو الراحلة بأن تكون أصابته بعد أن وقع و الأول أطهر و قال الكرماني فوقصته أي راحلته فإن كان الكسر حصل بسبب الوقوع فهو مجاز و أن حصل من الراحلة بعد الوقوع فحقيقة (قوله و كفنوه في ثوبين) استدل به على إبدال ثياب المحرم و ليس بشئ لأنه سيأتي في الحج بلفظ في ثوبيه و للنسائي من طريق يونس بن نافع عن عمرو بن دينار في ثوبيه اللذين أحرم فيهما و قال المحب الطبري إنما لم يزده ثوبا ثالثا تكرمة له كما في الشهيد حيث قال زملوهم بدمائهم و استدل به على أن الإحرام لا ينقطع بالموت كما سيأتي بعد باب و على ترك النيابة في الحج لأنه صلى الله عليه و سلم لم يأمر أحدا أن يكمل عن هذا المحرم أفعال الحج و فيه نظر لا يخفى و قال ابن بطال و فيه أن من شرع في عمل طاعة ثم حان بينه و بين إتمامه الموت رجى له أن الله يكتبه في الآخرة من أهل ذلك العمل (قوله باب الحنوط للميت) أي غير المحرم أورد فيه حديث ابن عباس المذكور عن شيخ آخر و شاهد الترجمة قوله و لا تحنطوه ثم علل ذلك بأنه يبعث ملبيا فدل على أن سبب النهي أنه كان محرما فإذا انتفت العلة انتفى النهي وكأن الحنوط للميت كان مقررا عندهم وكذا قوله لا تخمروا رأسه أي لا تغطوه قال البيهقي فيه دليل على أن غير المحرم يحنط كما يخمر رأسه و أن النهي إنما وقع لأجل الإحرام خلافا لمن قال من المالكية و غيرهم أن الإحرام ينقطع بالموت فيصنع بالميت ما يصنع بالحي قال ابن دقيق العيد و هو مقتضى القياس لكن الحديث بعد أن يثبت يقدم على القياس و قد قال بعض المالكية اثبات الحنوط في هذا الخبر بطريق المفهوم من منع الحنوط للمحرم و لكنها واقعة حال يتطرق الاحتمال إلى منطوقها فلا يستدل بمفهومها و قال بعض الحنفية هذا الحديث ليس عاما بلفظه لأنه في شخص معين ولا بمعناه لأنه لم يقل يبعث ملبيا لأنه محرم فلا يتعدى حكمه إلى غيره الا بدليل منفصل و قال ابن بزيزة و أجاب بعض أصحابنا عن هذا الحديث بأن هذا مخصوص بذلك الرجل لأن اخباره صلى الله عليه و سلم بأنه يبعث ملبيا شهادة بأن حجه قبل و ذلك غير محقق لغيره و تعقبه ابن دقيق العيد بأن هذه العلة إنما ثبتت لأجل الإحرام فتعم كل محرم و أما القبول و عدمه فأمر مغيب و اعتل بعضهم بقوله تعالى و أن ليس للإنسان الا ما سعى و بقوله صلى الله عليه و سلم إذا مات الإنسان انقطع عمله الا من ثلاث و ليس هذا منها فينبغي أن ينقطع عمله بالموت و أجيب بأن تكفينه في ثوبي إحرامه و تبقيته على هيئة إحرامه من عمل الحي بعده كغسله و الصلاة عليه فلا معنى لما ذكروه و قال ابن المنير في الحاشية قد قال صلى الله عليه و سلم في الشهداء زملوهم بدمائهم مع قوله و الله أعلم بمن يكلم في سبيله فعمم الحكم في الظاهر بناء على ظاهر السبب فينبغي أن يعمم الحكم في كل محرم و بين المجاهد و المحرم جامع لأن كلا منهما في سبيل الله و قد اعتذر الداودي عن مالك فقال لم يبلغه هذا الحديث و أورد بعضهم أنه لو كان إحرامه باقيا لوجب أن يكمل به المناسك ولا قائل به و أجيب بأن ذلك ورد على خلاف الأصل فيقتصر به على مورد النص ولا سيما و قد وضح أن الحكمة في ذلك استبقاء شعار الإحرام كاستبقاء دم الشهيد (قوله باب كيف يكفن المحرم) سقطت هذه الترجمة للأصيلي و ثبتت لغيره و هو أوجه و أورد المصنف فيها حديث ابن عباس المذكور من طريقين ففي الأول فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا كذا للمستملي و للباقين ملبدا بدال بدل التحتانية و التلبيد جمع الشعر
(١٠٩)