صلى الله عليه وسلم قد يخفى عليه بعض أحواله وقد يدخله الوهم والنسيان لكونه غير معصوم وفيه رد بعض العلماء على بعض وحسن الأدب في الرد وحسن التلطف في استكشاف الصواب إذا ظن السامع خطأ المحدث وقال النووي سكوت ابن عمر على إنكار عائشة يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسي أو شك وقال القرطبي عدم إنكاره على عائشة يدل على أنه كان على وهم وأنه رجع لقولها وقد تعسف من قال أن ابن عمر أراد بقوله اعتمر في رجب عمرة قبل هجرته لأنه وإن كان محتملا لكن قول عائشة ما اعتمر في رجب يلزم منه عدم مطابقة ردها عليه لكلامه ولا سيما وقد بينت الأربع وأنها لو كانت قبل الهجرة فما الذي كان يمنعه أن يفصح بمراده فيرجع الإشكال وأيضا فإن قول هذا القائل لأن قريشا كانوا يعتمرون في رجب يحتاج إلى نقل وعلى تقديره فمن أين له أنه صلى الله عليه وسلم وافقهم وهب أنه وافقهم فكيف اقتصر على مرة (قوله باب عمرة في رمضان) كذا في جميع النسخ ولم يصرح في الترجمة بفضيلة ولا غيرها ولعله أشار إلى ما روي عن عائشة قالت خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة رمضان فأفطر وصمت وقصر وأتممت الحديث أخرجه الدارقطني من طريق العلاء بن زهير عن عبد الرحمن بن الأسود ابن يزيد عن أبيه عنها وقال إن إسناده حسن وقال صاحب الهدي أنه غلط لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رمضان (قلت) ويمكن حمله على أن قولها في رمضان متعلق بقولها خرجت ويكون المراد سفر فتح مكة فإنه كان في رمضان واعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في تلك السنة من الجعرانة لكن في ذي القعدة كما تقدم بيانه قريبا وقد رواه الدارقطني بإسناد آخر إلى العلاء بن زهير فلم يقل في الإسناد عن أبيه ولا قال فيه في رمضان (قوله حدثنا يحيى) هو القطان وقوله عن عطاء في رواية مسلم عن محمد بن حاتم عن يحيى بن سعيد عن ابن جريج أخبرني عطاء (قوله لامرأة من الأنصار سماها ابن عباس فنسيت اسمها) القائل نسيت اسمها ابن جريج بخلاف ما يتبادر إلى الذهن من أن القائل عطاء وإنما قلت ذلك لأن المصنف أخرج الحديث في باب حج النساء من طريق حبيب المعلم عن عطاء فسماها ولفظه لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجته قال لأم سنان الأنصارية ما منعك من الحج الحديث ويحتمل أن عطاء كان ناسيا لاسمها لما حدث به ابن جريج وذاكرا له لما حدث به حبيبا وقد خالفه يعقوب بن عطاء فرواه عن أبيه عن ابن عباس قال جاءت أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت حج أبو طلحة وابنه وتركاني فقال يا أم سليم عمرة في رمضان تعدل حجة معي أخرجه ابن حبان وتابعه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء أخرجه ابن أبي شيبة وتابعهما معقل الجزري لكن خالف في الإسناد قال عن عطاء عن أم سليم فذكر الحديث دون القصة فهؤلاء ثلاثة يبعد أن يتفقوا على الخطأ فلعل حبيبا لم يحفظ اسمها كما ينبغي لكن رواه أحمد بن منيع في مسنده بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير عن امرأة من الأنصار يقال لها أم سنان أنها أرادت الحج فذكر الحديث نحوه دون ذكر قصة زوجها وقد اختلف في صحابيه على عطاء اختلافا آخر يأتي ذكره في باب حج النساء وقد وقع شبيه بهذه القصة لأم معقل أخرجه النسائي من طريق معمر عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث عن امرأة من بني أسد يقال لها أم معقل قالت أردت الحج فاعتل بعيري فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اعتمري في شهر رمضان فإن عمرة في رمضان تعدل حجة وقد اختلف
(٤٨٠)