(قوله قال عبد الله فجعل الناس عدله) بكسر المهملة أي نظيره وقد تقدم القول على هذه المادة في باب الصدقة من كسب طيب (قوله مدين من حنطة) أي نصف صاع وأشار ابن عمر بقوله الناس إلى معاوية ومن تبعه وقد وقع ذلك صريحا في حديث أيوب عن نافع أخرجه الحميدي في مسنده عن سفيان بن عيينة حدثنا أيوب ولفظه صدقة الفطر صاع من شعير أو صاع من تمر قال ابن عمر فلما كان معاوية عدل الناس نصف صاع بر بصاع من شعير وهكذا أخرجه ابن خزيمة في صحيحه من وجه آخر عن سفيان وهو المعتمد وهو موافق لقول أبي سعيد الآتي بعده وهو أصرح منه وأما ما وقع عند أبي داود من طريق عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع قال فيه فلما كان عمر كثرت الحنطة فجعل عمر نصف صاع حنطة مكان صاع من برمن تلك الأشياء فقد حكم مسلم في كتاب التمييز على عبد العزيز فيه بالوهم وأوضح الرد عليه وقال ابن عبد البر قول ابن عيينة عندي أولى وزعم الطحاوي أن الذي عدل عن ذلك عمر ثم عثمان وغيرهما فأخرج عن يسار بن نمير أن عمر قال له أني أحلف لا أعطي قوما ثم يبدو لي فأفعل فإذا رأيتني فعلت ذلك فأطعم عني عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من حنطة أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير ومن طريق أبي الأشعث قال خطبنا عثمان فقال أدوا زكاة الفطر مدين من حنطة وسيأتي بقية الكلام على ذلك في الباب الذي بعده (قوله باب صاع من زبيب) أي أجزائه وكأن البخاري أراد بتفريق هذه التراجم الإشارة إلى ترجيح التخيير في هذه الأنواع إلا أنه لم يذكر الأقط وهو ثابت في حديث أبي سعيد وكأنه لا يراه مجزئا في حال وجد أن غيره كقول أحمد وحملوا الحديث على أن من كان يخرجه كان قوته إذ ذاك أو لم يقدر على غيره وظاهر الحديث يخالفه وعند الشافعية فيه خلاف وزعم الماوردي أنه يختص بأهل البادية وأما الحاضرة فلا يجزئ عنهم بلا خلاف وتعقبه النووي في شرح المهذب وقال قطع الجمهور بأن الخلاف في الجميع (قوله حدثنا سفيان) هو الثوري (قوله عن أبي سعيد) تقدم في رواية مالك بلفظ أنه سمع أبا سعيد (قوله كنا نعطيها) أي زكاة الفطر (قوله في زمان النبي صلى الله عليه وسلم) هذا حكمه الرفع لإضافته إلى زمنه صلى الله عليه وسلم ففيه إشعار باطلاعيه صلى الله عليه وسلم على ذلك وتقريره له ولا سيما في هذه الصورة التي كانت توضع عنده وتجمع بأمره وهو الآمر بقبضها وتفرقتها (قوله صاعا من طعام أو صاعا من تمر) هذا يقتضي المغايرة بين الطعام وبين ما ذكر بعده وقد حكى الخطابي أن المراد بالطعام هنا الحنطة وأنه اسم خاص له قال ويدل على ذلك ذكر الشعير وغيره من الأقوات والحنطة أعلاها فلولا أنه أرادها بذلك لكان ذكرها عند التفصيل كغيرها من الأقوات ولا سيما حيث عطفت عليها بحرف أو الفاصلة وقال هو وغيره وقد كانت لفظه الطعام تستعمل في الحنطة عند الإطلاق حتى إذا قيل أذهب إلى سوق الطعام فهم منه سوق القمح وإذا غلب العرف نزل اللفظ عليه لأنما غلب استعمال اللفظ فيه كان خطوره عند الإطلاق أقرب انتهى وقد رد ذلك ابن المنذر وقال ظن أصحابنا أن قوله في حديث أبي سعيد صاعا من طعام حجة لمن قال صاعا من حنطة وهذا غلط منه وذلك أن أبا سعيد أجمل الطعام ثم فسره ثم أورد طريق حفص بن ميسرة المذكورة في الباب الذي يلي هذا وهي ظاهرة فيما قال ولفظه كنا نخرج صاعا من طعام وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر وأخرج الطحاوي
(٢٩٥)