استلام ابن الزبير لهما لأنه لما عمر الكعبة أتم البيت على قواعد إبراهيم انتهى وتعقب ذلك بعض الشراح بأن ابن الزبير طاف مع معاوية واستلم الكل ولم يقف على هذا الأثر وإنما وقع ذلك لمعاوية مع ابن عباس وأما ابن الزبير فقد أخرج الأزرقي في كتاب مكة فقال إن ابن الزبير لما فرغ من بناء البيت وأدخل فيه من الحجر ما أخرج منه ورد الركنين على قواعد إبراهيم خرج إلى التنعيم واعتمر وطاف بالبيت واستلم الأركان الأربعة فلم يزل البيت على بناء ابن الزبير إذا طاف الطائف استلم الأركان جميعها حتى قتل ابن الزبير وأخرج من طريق ابن إسحاق قال بلغني أن آدم لما حج استلم الأركان كلها وأن إبراهيم وإسماعيل لما فرغا من بناء البيت طافا به سبعا يستلمان الأركان وقال الداودي ظن معاوية أنهما ركنا البيت الذي وضع عليه من أول وليس كذلك لما سبق من حديث عائشة والجمهور على ما دل عليه حديث ابن عمر وروى ابن المنذر وغيره استلام جميع الأركان أيضا عن جابر وأنس والحسن والحسين من الصحابة وعن سويد بن غفلة من التابعين وقد يشعر ما تقدم في أوائل الطهارة من حديث عبيد بن جريج أنه قال لابن عمر رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها فذكر منها ورأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين الحديث بأن الذين رآهم عبيد بن جريج من الصحابة والتابعين كانوا لا يقتصرون في الاستلام على الركنين اليمانيين وقال بعض أهل العلم اختصاص الركنين مبين بالسنة ومستند التعميم القياس وأجاب الشافعي عن قول من قال ليس شئ من البيت مهجورا بأنا لم ندع استلامهما هجرا للبيت وكيف يهجره وهو يطوف به ولكنا نتبع السنة فعلا أو تركا ولو كان ترك استلامهما هجرا لهما لكان ترك استلام ما بين الأركان هجرا لها ولا قائل به ويؤخذ منه حفظ المراتب وإعطاء كل ذي حق حقه وتنزيل كل أحد منزلته * (فائدة) * في البيت أربعة أركان الأول له فضيلتان كون الحجر الأسود فيه وكونه على قواعد إبراهيم وللثاني الثانية فقط وليس للآخرين شئ منهما فلذلك يقبل الأول ويستلم الثاني فقط ولا يقبل الآخران ولا يستلمان هذا على رأي الجمهور واستحب بعضهم تقبيل الركن اليماني أيضا * (فائدة أخرى) * استنبط بعضهم من مشروعية تقبيل الأركان جواز تقبيل كل من يستحق التعظيم من آدمي وغيره فأما تقبيل يد الآدمي فيأتي في كتاب الأدب وأما غيره فنقل عن الإمام أحمد أنه سئل عن تقبيل منبر النبي صلى الله عليه وسلم وتقبيل قبره فلم ير به بأسا واستبعد بعض أتباعه صحة ذلك ونقل عن ابن أبي الصيف اليماني أحد علماء مكة من الشافعية جواز تقبيل المصحف وأجزاء الحديث وقبور الصالحين وبالله التوفيق (قوله باب تقبيل الحجر) بفتح المهملة والجيم أي الأسود أورد فيه حديث عمر مختصرا وقد تقدم الكلام عليه قبل أبواب ثم أورد فيه حديث ابن عمر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله ولابن المنذر من طريق أبي خالد عن عبيد الله عن نافع رأيت ابن عمر استلم الحجر وقبل يده وقال ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ويستفاد منه استحباب الجمع بين التسليم والتقبيل بخلاف الركن اليماني فيستلمه فقط والاستلام المسح باليد والتقبيل بالفم وروى الشافعي من وجه آخر عن ابن عمر قال استقبل النبي صلى الله عليه وسلم الحجر فاستلمه ثم وضع شفتيه عليه طويلا الحديث واختص الحجر الأسود بذلك لاجتماع الفضيلتين له كما تقدم (قوله حدثنا حماد) في رواية أبي الوقت ابن
(٣٨٠)