أجمعين (قوله رأيت عمر بن الخطاب قال يا عبد الله بن عمر) هذا طرف من حديث طويل سيأتي في مناقب عثمان و زاد فيه و قل يقرأ عليك عمر السلام ولا تقل أمير المؤمنين وفي أوله قدر ورقة في سياق مقتله و في آخره قدر صفحة في قصة بيعة عثمان قال ابن التين قول عائشة في قصة عمر كنت أريده لنفسي يدل على أنه لم يبق ما يسع الا موضع قبر واحد فهو يغاير قولها عند وفاتها لا تدفني عندهم فإنه يشعر بأنه بقي من البيت موضع للدفن و الجمع بينهما أنها كانت أولا تظن أنه لا يسع الا قبرا واحدا فلما دفن ظهر لها أن هناك وسعا لقبر آخر و سيأتي الكلام عليه مستوفى هناك أن شاء الله تعالى قال ابن بطال إنما استأذنها عمر لأن الموضع كان بيتها و كان لها فيه حق و كان لها أن تؤثر به على نفسها فآثرت عمر و فيه الحرص على مجاورة الصالحين في القبور طمعا في إصابة الرحمة إذا نزلت عليهم و في دعاء من يزورهم من أهل الخير و في قول عمر قل يستأذن عمر فإن أذنت أن من وعد عدة جاز له الرجوع فيها ولا يلزم بالوفاء و فيه أن من بعث رسول في حاجة مهمة أن له أن يسأل الرسول قبل وصوله إليه ولا يعد ذلك من قلة الصبر بل من الحرص على الخير و الله أعلم (قوله باب ما ينهى من سب الأموات) قال الزين بن المنير لفظ الترجمة يشعر بانقسام السب إلى منهى و غير منهى و لفظ الخبر مضمونه النهي عن السب مطلقا و الجواب أن عمومه مخصوص بحديث أنس السابق حيث قال صلى الله عليه و سلم عند ثنائهم بالخير و بالشر وجبت و أنتم شهداء الله في الأرض و لم ينكر عليهم و يحتمل أن اللام في الأموات عهدية و المراد به المسلمون لأن الكفار مما يتقرب إلى الله بسبهم و قال القرطبي في الكلام على حديث وجبت يحتمل أجوبة الأول أن الذي كان يحدث عنه بالشر كان مستظهرا به فيكون من باب لا غيبة لفاسق أو كان منافقا ثانيها يحمل النهي على ما بعد الدفن و الجواز على ما قبله ليتعظ به من يسمعه ثالثها يكون النهي العام متأخرا فيكون ناسخا و هذا ضعيف و قال ابن رشيد ما محصله أن السب ينقسم في حق الكفار و في حق المسلمين أما الكافر فيمنع إذا تأذى به الحي المسلم و أما المسلم فحيث تدعو الضرورة إلى ذلك كأن يصير من قبيل الشهادة و قد يجب في بعض المواضع و قد يكون فيه مصلحة للميت كمن علم أنه أخذ ماله بشهادة زور و مات الشاهد فإن ذكر ذلك ينفع الميت إن علم أن ذلك المال يرد إلى صاحبه قال و لأجل الغفلة عن هذا التفصيل ظن بعضهم أن البخاري سها عن حديث الثناء بالخير و الشر و إنما قصد البخاري أن يبين أن ذلك الجائز كان على معنى الشهادة و هذا الممنوع هو على معنى السب و لما كان المتن قد يشعر بالعموم اتبعه بالترجمة التي بعده و تأول بعضهم الترجمة الأولى على المسلمين خاصة و الوجه عندي حمله على العموم إلا ما خصصه الدليل بل لقائل أن يمنع أن ما كان على جهة الشهادة و قصد التحذير يسمى سبا في اللغة و قال ابن بطال سب الأموات يجرئ مجرى الغيبة فإن كان أغلب أحوال المرء الخير و قد تكون منه الفلتة فالاغتياب له ممنوع و إن كان فاسقا معلنا فلا غيبة له فكذلك الميت و يحتمل أن يكون النهي على عمومه فيما بعد الدفن و المباح ذكر الرجل بما فيه قبل الدفن ليتعظ بذلك فساق الأحياء فإذا صار إلى قبره أمسك عنه لإفضائه إلى ما قدم و قد عملت عائشة راوية هذا الحديث بذلك في حق من استحق عندها اللعن فكانت تلعنه و هو حي فلما مات تركت ذلك و نهت
(٢٠٥)