جبريل أخذ التراب الذي خلق منه النبي صلى الله عليه و سلم من تراب الكعبة فعلى هذا فالبقعة التي ضمت أعضاءه من تراب الكعبة فيرجع الفضل المذكور إلى مكة أن صح ذلك و الله أعلم و استدل به على تضعيف الصلاة مطلقا في المسجدين و قد تقدم النقل عن الطحاوي و غيره أن ذلك مختص بالفرائض لقوله صلى الله عليه و سلم أفضل صلاة المرء في بيته الا المكتوبة و يمكن أن يقال لا مانع من إبقاء الحديث على عمومه فتكون صلاة النافلة في بيت بالمدينة أو مكة تضاعف على صلاتها في البيت بغيرهما و كذا في المسجدين و أن كانت في البيوت أفضل مطلقا ثم أن التضعيف المذكور يرجع إلى الثواب و لا يتعدى إلى الأجزاء باتفاق العلماء كما نقله النووي و غيره فلو كان عليه صلاتان فصلى في أحد المسجدين صلاة لم تجزه الا عن واحدة و الله أعلم و قد أوهم كلام المقري أبي بكر النقاش في تفسيره خلاف ذلك فإنه قال فيه حسبت الصلاة بالمسجد الحرام فبلغت صلاة واحدة بالمسجد الحرام عمر خمس و خمسين سنة و ستة أشهر و عشرين ليلة انتهى و هذا مع قطع النظر عن التضعيف بالجماعة فإنها تزيد سبعا و عشرين درجة كما تقدم في أبواب الجماعة لكن هل يجتمع التضعيفان أو لا محل بحث (قوله باب مسجد قباء) أي فضله و قباء بضم القاف ثم موحدة ممدودة عند أكثر أهل اللغة و أنكر السكري قصره لكن حكاه صاحب العين قال البكري من العرب من يذكره فيصرفه و منهم من يؤنثه فلا بصرفه و في المطالع هو على ثلاثة أميال من المدينة و قال ياقوت على ميلين على يسار قاصد مكة و هو من عوالي المدينة و سمي باسم بئر هناك و المسجد المذكور هو مسجد بني عمرو بن عوف و هو أول مسجد أسسه رسول الله صلى الله عليه و سلم و سيأتي ذكر الخلاف في كونه المسجد الذي أسس على التقوى في باب الهجرة أن شاء الله تعالى (قوله حدثنا يعقوب بن إبراهيم) في رواية أبي ذر هو الدورقي (قوله كان لا يصلي الضحى) تقدم الكلام عليه قريبا (قوله و كان) أي ابن عمر (قوله يزوره) أي يزور مسجد قباء (قوله وكان يقول) أي ابن عمر و قد تقدم الكلام على ذلك في أواخر المواقيت و في الحديث دلالة على فضل قباء و فضل المسجد الذي بها و فضل الصلاة فيه لكن لم يثبت في ذلك تضعيف بخلاف المساجد الثلاثة (قوله باب من أتى مسجد قباء كل سبت) أراد بهذه الترجمة بيان تقييد ما أطلق في التي قبلها لأنه قيد فيها في الموقوف بخلاف المرفوع فأطلق و من فضائل مسجد قباء ما رواه عمر بن شبة في أخبار المدينة بإسناد صحيح عن سعد بن أبي وقاص قال لأن أصلي في مسجد قباء ركعتين أحب إلى من أن أتي ببيت المقدس مرتين لو يعلمون ما في قباء لضربوا إليه أكباد الإبل (قوله ماشيا و راكبا) أي بحسب ما تيسر و الواو بمعنى أو (قوله و كان عبد الله) أي ابن عمر كما ثبت في رواية أبي ذر و الأصيلي (قوله باب إتيان مسجد قباء ماشيا وراكبا) أفرد هذه الترجمة لاشتمال الحديث على حكم آخر غير ما تقدم (قوله حدثنا يحيى) زاد الأصيلي ابن سعيد و هو القطان و عبيد الله بالتصغير هو ابن عمر العمري (قوله زاد ابن نمير) أي عبد الله عن عبيد الله أي ابن عمر و طريق ابن نمير وصلها مسلم و أبو يعلى قالا أخبرنا محمد ابن عبد الله بن نمير أخبرنا أبي به و قال أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده حدثنا عبد الله بن نمير و أبو أسامة عن عبيد الله فذكره بالزيادة و ادعى الطحاوي أنها مدرجة و أن أحد الرواة قاله من عنده لعلمه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان من عادته أن لا يجلس حتى يصلي و في هذا الحديث على
(٥٦)