اجتهاد و قيل ليس في هذه القصة نسخ لأن إباحة الكلام في الصلاة كان بالبراءة الأصلية و الحكم المزيل لها ليس نسخا و أجيب بان الذي يقع في الصلاة و نحوها مما يمنع أو يباح إذا قرره الشارع كان حكما شرعيا فإذا ورد ما يخالفه كان ناسخا و هو كذلك هنا قال ابن دقيق العيد و قوله نهينا عن الكلام يقتضي أن كل شئ يسمى كلاما فهو منهي عنه حملا للفظ على عمومه و يحتمل أن تكون اللام للعهد الراجع إلى قوله يكلم الرجل منا صاحبه بحاجته و قوله فأمرنا بالسكوت أي عما كانوا يفعلونه من ذلك * (تكميل) * اجمعوا على أن الكلام في الصلاة من عالم بالتحريم عامد لغير مصلحتها أو انقاذ مسلم مبطل لها و اختلفوا في الساهي و الجاهل فلا يبطلها القليل منه عند الجمهور و أبطلها الحنفية مطلقا كما سيأتي في الكلام على حديث ذي اليدين في السهو و اختلفوا في أشياء أيضا كمن جرى على لسانه بغير قصد أو تعمد إصلاح الصلاة لسهو دخل على امامه أو لانقاذ مسلم لئلا يقع في مهلكة أو فتح على امامه أو سبح لمن مر به أو رد السلام أو أجاب دعوة أحد والديه أو أكره على الكلام أو تقرب بقربة كأعتقت عبدي لله ففي جميع ذلك خلاف محل بسطه كتب الفقه و ستأتي الإشارة إلى بعضه حيث يحتاج إليه قال ابن المنير في الحاشية الفرق بين قليل الفعل للعامد فلا يبطل و بين قليل الكلام أن الفعل لا تخلو منه الصلاة غالبا لمصلحتها و تخلو من الكلام الأجنبي غالبا مطردا و الله أعلم (قوله باب ما يجوز من التسبيح و الحمد في الصلاة) قال ابن رشيد أراد الحاق التسبيح بالحمد بجامع الذكر لأن الذي في الحديث الذي ساقه ذكر التحميد دون التسبيح (قلت) بل الحديث مشتمل عليهما لكنه ساقه هنا مختصرا و قد تقدم في باب من دخل ليؤم الناس من أبواب الإمامة من طريق مالك عن أبي حازم و فيه فرفع أبو بكر يديه فحمد الله تعالى و في آخره من نابه شئ في صلاته فليسبح و سيأتي في أواخر أبواب السهو عن قتيبة عن عبد العزيز بن أبي حازم و فيه هذا (قوله للرجال) قال ابن رشيد قيده بالرجال لأن ذلك عنده لا يشرع للنساء و قد أشعر بذلك تبويبه بعد حيث قال باب التصفيق للنساء و وجهه أن دلالة العموم لفظيه وضعيه و دلالة المفهوم من لوازم اللفظ عند الأكثرين و قد قال في الحديث التسبيح للرجال و التصفيق للنساء فكأنه قال لا تسبيح الا للرجال و لا تصفيق الا للنساء و كأنه قدم المفهوم على العموم للعمل بالدليلين لأن في أعمال العموم ابطالا للمفهوم و لا يقال أن قوله للرجال من باب اللقب لأنا نقول بل هو من باب الصفة لأنه في معنى الذكور البالغين انتهى و قد تقدم الكلام على فوائد هذا الحديث في الباب المذكور و فيه من الفوائد مما تقدم بعضها مبسوطا جواز تأخير الصلاة عن أول الوقت و أن المبادرة إليها أولي من انتظار الإمام الراتب و أنه لا ينبغي التقدم على الجماعة الا برضا منهم يؤخذ ذلك من قول أبي بكر أن شئتم مع علمه بأنه أفضل الحاضرين و أن الالتفات في الصلاة لا يقطعها و أن من سبح أو حمد لأمر ينوبه لا يقطع صلاته و لو قصد بذلك تنبيه غيره خلافا لمن قال بالبطلان و قوله فيه فقال سهل أي ابن سعد راوي الحديث هل تدرون ما التصفيح هو التصفيق و هذه حجة لمن قال إنهما بمعنى واحد و به صرح الخطابي و أبو علي القالي و الجوهري و غيرهم و ادعى بن حزم نفي الخلاف في ذلك و تعقب بما حكاه عياض في الإكمال أنه بالحاء الضرب بظاهر إحدى اليدين على الأخرى وبالقاف بباطنها على باطن الأخرى و قيل بالحاء الضرب بأصبعين للانذار و التنبيه و بالقاف
(٦١)