صلاة النبي صلى الله عليه و سلم ثلاث عشرة يعني بالليل و أخرجه مسلم و الترمذي بلفظ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة و قد تقدم الكلام عليه مستوفى في أول أبواب الوتر أيضا و تقدم أيضا بيان الجمع بين مختلف الروايات في ذلك ثالثها حديث عائشة من رواية مسروق قال سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت سبع و تسع و إحدى عشرة سوى ركعتي الفجر * رابعها حديثها من طريق القاسم عنها كان يصلي من الليل ثلاث عشرة منها الوتر و ركعتا الفجر و في رواية مسلم من هذا الوجه كانت صلاته عشر ركعات و يوتر بسجدة و يركع ركعتي الفجر فتلك ثلاث عشرة فأما ما أجابت به مسروقا فمرادها أن ذلك وقع منه في أوقات مختلفة فتارة كان يصلي سبعا و تارة تسعا و تارة إحدى عشرة و أما حديث القاسم عنها فمحمول على أن ذلك كان غالب حاله و سيأتي بعد خمسة أبواب من رواية أبي سلمة عنها أن ذلك كان أكثر ما يصليه في الليل و لفظه ما كان يزيد في رمضان و لا في غيره على إحدى عشرة الحديث و فيه ما يدل على أن ركعتي الفجر من غيرها فهو مطابق لرواية القاسم و أما ما رواه الزهري عن عروة عنها كما سيأتي في باب ما يقرأ في ركعتي الفجر بلفظ كان يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين فظاهره يخالف ما تقدم فيحتمل أن تكون أضافت إلى صلاة الليل سنة العشاء لكونه كان يصليها في بيته أو ما كان يفتتح به صلاة الليل فقد ثبت عند مسلم من طريق سعد ابن هشام عنها أنه كان يفتتحها بركعتين خفيفتين و هذا أرجح في نظري لأن رواية أبي سلمة التي دلت على الحصر في إحدى عشرة جاء في صفتها عند المصنف و غيره يصلي أربعا ثم أربعا ثم ثلاثا فدل على أنها لم تتعرض للركعتين الخفيفتين و تعرضت لهما في رواية الزهري و الزيادة من الحافظ مقبولة و بهذا يجمع بين الروايات و ينبغي أن يستحضر هنا ما تقدم في أبواب الوتر من ذكر الركعتين بعد الوتر والاختلاف هل هما الركعتان بعد الفجر أو صلاة مفردة بعد الوتر و يؤيده ما وقع عند أحمد و أبي داود من رواية عبد الله بن أبي قيس عن عائشة بلفظ كان يوتر بأربع و ثلاث و ست و ثلاث و ثمان و ثلاث و عشر و ثلاث و لم يكن يوتر بأكثر من ثلاث عشرة و لا انقص من سبع و هذا أصح ما وقفت عليه من ذلك و به يجمع بين ما اختلف عن عائشة من ذلك و الله أعلم قال القرطبي أشكلت روايات عائشة على كثير من أهل العلم حتى نسب بعضهم حديثها إلى الاضطراب و هذا إنما يتم لو كان الراوي عنها واحدا أو أخبرت عن وقت واحد و الصواب أن كل شئ ذكرته من ذلك محمول على أوقات متعددة وأحوال مختلفة بحسب النشاط و بيان الجواز و الله أعلم وظهر لي أن الحكمة في عدم الزيادة على إحدى عشرة أن التهجد و الوتر مختص بصلاة الليل و فرائض النهار الظهر و هي أربع و العصر و هي أربع و المغرب و هي ثلاث وتر النهار فناسب أن تكون صلاة الليل كصلاة النهار في العدد جملة و تفصيلا و أما مناسبة ثلاث عشرة فبضم صلاة الصبح لكونها نهارية إلى ما بعدها * (تنبيه) * إسحاق المذكور في أول حديثي عائشة هو ابن راهويه كما جزم به أبو نعيم في المستخرج و عبيد الله المذكور في ثاني حديثيها هو ابن موسى و قد روى البخاري عنه في هذين الحديثين المتواليين بواسطة و بغير واسطة و هو من كبار شيوخه و كأن أولهما لم يقع له سماعه منه و الله أعلم (قوله باب
(١٧)