في الفتن به أي لا حاجة لي به لاستغنائي عنه * ثالثها حديث عدي بن حاتم وقد أورده المصنف بأتم من هذا السياق ويأتي الكلام عليه مستوفى وشاهده هنا قوله فيه فإن الساعة لا تقوم حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها منه وهو موافق لحديث أبي هريرة الذي قبله ومشعر بأن ذلك يكون في آخر الزمان وحديث أبي موسى الآتي بعده مشعر بذلك أيضا وقد أشار عدي بن حاتم كما سيأتي في علامات النبوة إلى أن ذلك لم يقع في زمانه وكانت وفاته في خلافة معاوية بعد استقرار أمر الفتوح فانتفى قول من زعم أن ذلك وقع في ذلك الزمان قال ابن التين إنما يقع ذلك بعد نزول عيسى حين تخرج الأرض بركاتها حتى تشبع الرمانة أهل البيت ولا يبقى في الأرض كافر ويأتي الكلام على اتقاء النار ولو بشق تمرة في الباب الذي يليه * رابعها حديث أبي موسى (قوله من الذهب) خصه بالذكر مبالغة في عدم من يقبل الصدقة وكذا قوله يطوف ثم لا يجد من يقبلها وقوله ويرى الرجل الخ تقدم الكلام عليه مستوفى في باب رفع العلم من كتاب العلم (قوله باب اتقوا النار ولو بشق تمرة والقليل من الصدقة ومثل الذين ينفقون أموالهم إلى قوله فيها من كل الثمرات) قال الزين بن المنير وغيره جمع المصنف بين لفظ الخبر والآية لاشتمال ذلك كله على الحث على الصدقة قليلها وكثيرها فإن قوله تعالى أموالهم يشمل قليل النفقة وكثيرها ويشهد له قوله لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس فإنه يتناول القليل والكثير إذ لا قائل بحل القليل دون الكثير وقوله اتقوا النار ولو بشق تمرة يتناول الكثير والقليل أيضا والآية أيضا مشتملة على قليل الصدقة وكثيرها من جهة التمثيل المذكور فيها بالطل والوابل فشبهت الصدقة بالقليل بإصابة الطل والصدقة بالكثير بإصابة الوابل وأما ذكر القليل من الصدقة بعد ذكر شق التمرة فهو من عطف العام على الخاص ولهذا أورد في الباب حديث أبي مسعود الذي كان سببا لنزول قوله تعالى والذين لا يجدون إلا جهدهم وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام تقدير الآية مثل تضعيف أجور الذين ينفقون كمثل تضعيف ثمار الجنة بالمطر إن قليلا فقليل وإن كثيرا فكثير وكأن البخاري أتبع الآية الأولى التي ضربت مثلا بالربوة بالآية الثانية التي تضمنت ضرب المثل لمن عمل وأشار يفقده أحوج ما كان إليه للإشارة إلى اجتناب الرياء في الصدقة ولأن قوله تعالى والله بما تعملون بصير يشعر بالوعيد بعد الوعد فأوضحه بذكر الآية الثانية وكأن هذا هو السر في اقتصاره على بعضها اختصارا ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة أحاديث * أحدها حديث أبي مسعود من وجهين تاما ومختصرا (قوله عن سليمان) هو الأعمش وأبو مسعود هو الأنصاري البدري (قوله لما نزلت آية الصدقة) كأنه يشير إلى قوله تعالى خذ من أموالهم صدقة الآية (قوله كنا نحامل) أي نحمل على ظهورنا بالأجرة يقال حاملت بمعنى حملت كسافرت وقال الخطابي يريد نتكلف الحمل بالأجرة لنكتسب ما نتصدق به ويؤيده قوله في الرواية الثانية التي بعد هذه حيث قال انطلق أحدنا إلى السوق فيحامل أي يطلب الحمل بالأجرة (قوله فجاء رجل فتصدق بشئ كثير) هو عبد الرحمن بن عوف كما سيأتي في التفسير والشئ المذكور كان ثمانية آلاف أو أربعة آلاف (قوله وجاء رجل) هو أبو عقيل بفتح العين كما سيأتي في التفسير ونذكر هناك إن شاء الله تعالى الاختلاف في اسمه واسم أبيه ومن وقع له ذلك أيضا من الصحابة كأبي خيثمة وأن الصاع إنما حصل لأبي عقيل لكونه أجر
(٢٢٤)