المخاطب بذلك و هو من يشق عليه قيام أكثر الليل قال و عمدة هذا القائل اقتضاء القاعدة زيادة الأجر بسبب زيادة العمل لكن يعارضه هنا اقتضاء العادة والجبلة التقصير في حقوق يعارضها طول القيام ومقدار ذلك الفائت مع مقدار الحاصل من القيام غير معلوم لنا فالأولى أن يجري الحديث على ظاهره وعمومه وإذا تعارضت المصلحة و المفسدة فمقدار تأثير كل واحد منهما في الحث أو المنع غير محقق لنا فالطريق أننا نفوض الأمر إلى صاحب الشرع ونجرى على ما دل عليه اللفظ مع ما ذكرناه من قوة الظاهر هنا و الله أعلم * (تنبيه) * قال ابن التين هذا المذكور إذا أجريناه على ظاهره فهو في حق الأمة وأما النبي صلى الله عليه و سلم فقد أمره الله تعالى بقيام أكثر الليل فقال يا أيها المزمل قم الليل الا قليلا انتهى و فيه نظر لأن هذا الأمر قد نسخ كما سيأتي و قد تقدم في حديث ابن عباس فلما كان نصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل و هو نحو المذكور هنا نعم سيأتي بعد ثلاثة أبواب أنه صلى الله عليه و سلم لم يكن يجري الأمر في ذلك على وتيرة واحدة و الله أعلم (قوله و أحب الصيام إلى الله صيام داود) يأتي فيه ما تقدم في الصلاة و ستأتي بقية مباحثه في كتاب الصيام أن شاء الله تعالى (قوله كان ينام نصف الليل الخ) في رواية بن جريج عن عمرو بن دينار عند مسلم كان يرقد شطر الليل ثم يقوم ثلث الليل بعد شطره قال بن جريج قلت لعمرو بن دينار عمرو بن أوس هو الذي يقول يقوم ثلث الليل قال نعم انتهى و ظاهره أن تقدير القيام بالثلث من تفسير الراوي فيكون في الرواية الأولى إدراج و يحتمل أن يكون قوله عمرو بن أوس ذكره أي بسنده فلا يكون مدرجا و في رواية بن جريج من الفائدة ترتيب ذلك بثم ففيه رد على من أجاز في حديث الباب أن تحصل السنة بنوم السدس الأول مثلا و قيام الثلث و نوم النصف الأخير و السبب في ذلك أن الواو لا ترتب * (تنبيه) * قال ابن رشيد الظاهر من سياق حديث عبد الله بن عمرو مطابقة ما ترجم له إلا أنه ليس نصا فيه فبينه بالحديث الثالث و هو قول عائشة ما الفاه السحر عندي الا نائما وأما حديث عائشة الأول فوالد عبدان اسمه عثمان ابن جبلة بفتح الجيم و الموحدة و قوله عن أشعث هو ابن أبي الشعثاء المحاربي و قوله الدائم أي المواظبة العرفية و قوله الصارخ أي الديك و وقع في مسند الطيالسي في هذا الحديث الصارخ الديك والصرخة الصيحة الشديدة و جرت العادة بان الديك يصيح عند نصف الليل غالبا قاله محمد ابن ناصر قال ابن التين و هو موافق لقول ابن عباس نصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل و قال ابن بطال الصارخ يصرخ عند ثلث الليل و كان داود يتحرى الوقت الذي ينادي الله فيه هل من سائل كذا قال و المراد بالدوام قيامه كل ليلة في ذلك الوقت لا الدوام المطلق (قوله حدثنا محمد) زاد أبو ذر في رواية ابن سلام و كذا نسبه أبو علي بن السكن و ذكر الجياني أنه وقع في رواية أبي ذر عن أبي محمد السرخسي محمد بن سالم بتقديم الألف على اللام قال أبو الوليد الباجي سألت أبا ذر فقال له أراه أبن سلام وسها فيه أبو محمد (قلت) و ليس في شيوخ البخاري أحد يقال له محمد بن سالم (قوله عن الأشعث) يعني باسناده المذكور و ظن بعضهم أنه موقوف على أشعث فأخطأ فقد أخرجه مسلم عن هناد بن السري و أبو داود عن إبراهيم بن موسى الرازي كلاهما عن أبي الأحوص بهذا الإسناد بلفظ سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت لها أي حين كان يصلي قالت إذا سمع الصارخ قام فصلى لفظ إبراهيم و زاد مسلم في أوله
(١٤)