الامر المحرم لضعف صبرهن فيستفاد منه جواز النهي عنا لمباح عند خشية إفضائه إلى ما يحرم (قوله فقلت) هو مقول عائشة (قوله أرغم الله أنفك) بالراء و المعجمة أي ألصقه بالرغام بفتح الراء و المعجمة و هو التراب إهانة وإذلالا و دعت عليه من جنس ما أمر أن يفعله بالنسوة لفهمها من قرائن الحال أنه أحرج النبي صلى الله عليه و سلم بكثرة تردده إليه في ذلك (قوله لم تفعل) قال الكرماني أي لم تبلغ النهي و نفته و إن كان قد نهى و لم يطعنه لأن نهيه لم يترتب عليه الامتثال فكأنه لم يفعل و يحتمل أن تكون أرادت لم تفعل أي الحثو بالتراب (قلت) لفظة لم يعبر بها عن الماضي و قولها ذلك وقع قبل أن يتوجه فمن أين علمت أنه لم يفعل فالظاهر أنها قامت عندها قرينة بأنه لا يفعل فعبرت عنه بلفظ الماضي مبالغة في نفي ذلك عنه و هو مشعر بأن الرجل المذكور كان من الزام النسوة المذكورات و قد وقع في الرواية الآتية بعد أربعة أبواب فوالله ما أنت بفاعل ذلك و كذا لمسلم و غيره فظهر أنه من تصرف الرواة (قوله من العناء) بفتح المهملة و النون و المد أي المشقة و التعب و في رواية لمسلم من العي بكسر المهملة و تشديد التحتانية و وقع في رواية العذرى الغي بفتح المعجمة بلفظ ضد الرشد قال عياض و لا وجه له هنا و تعقب بأن له وجها و لكن الأول أليق لموافقته لمعنى العناء التي هي رواية الأكثر قال النووي مرادها أن الرجل قاصر عن القيام بما أمر به من الإنكار و التأديب و مع ذلك لم يفصح بعجزه عن ذلك ليرسل غيره فيستريح من التعب و في هذا الحديث من الفوائد أيضا جواز الجلوس للعزاء بسكينة و وقار و جواز نظر النساء المحتجبات إلى الرجال الأجانب و تأديب من نهى عما لا ينبغي له فعله إذا لم ينته و جواز التمني لتأكيد الخبر * (تنبيه) * هذا الحديث لم يروه عن عمرة إلا يحيى بن سعيد و قد رواه عن عائشة أيضا القاسم بن محمد أخرجه ابن إسحاق في المغازي قال حدثني عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه فذكر نحوه و فيه من الزيادة في أوله قالت عائشة (2) و قد نهانا خير الناس عن التكلف (قوله حدثنا عمرو بن علي) هو الفلاس و الكلام على المتن تقدم في آخر أبواب الوتر و شاهد الترجمة منه قوله ما حزن حزنا قط أشد منه فإن ذلك يشمل حالة جلوسه و غيرها (قوله باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة) تقدم الكلام على ذلك في الترجمة التي قبلها و يظهر بضم أوله من الرباعي و حزنه منصوب على المفعولية (قوله و قال محمد بن كعب) يعني القرظي بضم القاف و فتح الراء بعدها ظاء مشالة (قوله السئ) بفتح المهملة و تشديد التحتانية بعدها أخرى مهموزة و المراد به ما يبعث الحزن غالبا و بالظن السئ اليأس من تعويض الله المصاب في العاجل ما هو أنفع له من الفائت أو الاستبعاد لحصول ما وعد به من الثواب على الصبر و قد روى ابن أبي حاتم في تفسير سورة سأل من طريق أيوب بن موسى عن القاسم بن محمد كقول محمد بن كعب هذا (قوله و قال يعقوب عليه السلام إنما أشكو بثي و حزني إلى الله قال الزين بن المنير مناسبة هذه الآية للترجمة أن قول يعقوب لما تضمن أنه لا يشكو بتصريح و لا تعريض إلا لله وافق مقصود الترجمة و كان خطابه بذلك لبنيه بعد قوله وا أسفى على يوسف و البث بفتح الموحدة بعدها مثلثة ثقيلة شدة الحزن (قوله حدثنا بشر بن الحكم) هو النيسابوري قال أبو نعيم في المستخرج يقال إن هذا الحديث مما تفرد به البخاري عن بشر بن الحكم انتهى يعني من هذا الوجه من حديث سفيان ابن عيينة و لم يخرجه أبو نعيم و لا الإسماعيلي من طريق إسحق إلا من جهة البخاري و قد أخرجه
(١٣٥)