يتخذ من يحجبه عن حوائج الناس و أن من أمر بمعروف ينبغي له أن يقبل و لو لم يعرف الآمر و فيه أن الجزع من المنهيات لآمره لها بالتقوى مقرونا بالصبر و فيه الترغيب في احتمال الأذى عند بذل النصيحة و نشر الموعظة و أن المواجهة بالخطاب إذا لم تصادف المنوي لا أثر لها و بنى عليه بعضهم ما إذا قال يا هند أنت طالق فصادف عمرة أن عمرة لا تطلق و استدل به على جواز زيارة القبور سواء كان الزائر رجلا أو امرأة كما تقدم و سواء كان المزور مسلما أو كافرا لعدم الاستفصال في ذلك قال النووي و بالجواز قطع الجمهور و قال صاحب الحاوي لا تجوز زيارة قبر الكافر و هو غلط انتهى وحجة الموردي قوله تعالى و لا تقم على قبره و في الاستدلال به نظر لا يخفى (تنبيه) قال الزين بن المنير قدم المصنف ترجمة زيارة القبور على غيرها من أحكام تشييع الجنازة و ما بعد ذلك مما يتقدم الزيارة لأن الزيارة يتكرر وقوعها فجعلها أصلا و مفتاحا لتلك الأحكام انتهى ملخصا و أشار أيضا إلى أن مناسبة ترجمة زيارة القبور تناسب أتباع النساء الجنائز فكأنه أراد حصر الأحكام المتعلقة بخروج النساء متوالية و الله أعلم (قوله باب قول النبي صلى الله عليه و سلم يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه إذا كان النوح من سنته) هذا تقييد من المصنف لمطلق الحديث و حمل منه لرواية ابن عباس المقيدة بالبعضية على رواية ابن عمر المطلقة كما ساقه في الباب عنهما و تفسير منه للبعض المبهم في رواية ابن عباس بأنه النوح و يؤيده أن المحذور بعض البكاء لا جميعه كما سيأتي بيانه و قوله إذا كان النوح من سنته يوهم أنه بقية الحديث المرفوع و ليس كذلك بل هو كلام المصنف قاله تفقها و بقية السياق يرشد إلى ذلك و هذا الذي جزم به هو أحد الأقوال في تأويل الحديث المذكور كما سيأتي بيانه و اختلف في ضبط قوله من سنته فللأكثر في الموضعين بضم المهملة و تشديد النون أي طريقته و عادته و ضبطه بعضهم بفتح المهملة بعدها موحدتان الأولى مفتوحة أي من أجلة قال صاحب المطالع حكى عن أبي الفضل بن ناصر أنه رجح هذا و أنكر الأول فقال و أي سنة للميت انتهى و قال الزين بن المنير بل الأول أولى لاشعاره بالعناية بذلك إذ لا يقال من سنته الا عند غلبة ذلك عليه و اشتهاره به (قلت) و كأن البخاري الهم هذا الخلاف فأشار إلى ترجيح الأول حيث استشهد بالحديث الذي فيه لأنه أول من سن القتل فإنه يثبت ما استبعده ابن ناصر بقوله و أي سنة للميت و أما تعبير المصنف بالنوح فمراده ما كان من البكاء بصياح و عويل و ما يلتحق بذلك من لطم خد و شق جيب و غير ذلك من المنهيات (قوله لقول الله تعالى قوا أنفسكم و أهليكم نارا) وجه الاستدلال لما ذهب إليه من هذه الآية أن هذا الأمر عام في جهات الوقاية و من جملتها أن لا يكون الأصل مولعا بأمر منكر لئلا يجري أهله عليه بعده أو يكون قد عرف أن لأهله عادة بفعل أمر منكر و أهمل نهيهم عنه فيكون لم يق نفسه و لا أهله (قوله و قال النبي صلى الله عليه و سلم كلكم راع الحديث) هو طرف من حديث لابن عمر تقدم موصولا في الجمعة و وجه الاستدلال منه ما تقدم لأن من جملة رعايته لهم أن يكون الشر من طريقته فيجري أهله عليه أو يراهم يفعلون الشر فلا ينهاهم عنه فيسئل عن ذلك و يؤاخذ به و قد تعقب استدلال البخاري بهذه الآية و الحديث على ما ذهب إليه من حمل حديث الباب عليه لأن الحديث ناطق بأن الميت يعذب ببكاء أهله و الآية و الحديث يقتضيان أنه يعذب بسنته فلم يتحد الموردان و الجواب أنه لا مانع في سلوك طريق
(١٢٠)