كلام الميت على الجنازة) أي بعد حملها أورد فيه حديث أبي سعيد و قد تقدم الكلام عليه قبل بضعة و ثلاثين بابا و ترجم له قول الميت و هو على الجنازة قدموني قال ابن رشيد الحكمة في هذا التكرير أن الترجمة الأولى مناسبة للترجمة التي قبلها و هي باب السرعة بالجنازة لاشتمال الحديث على بيان موجب الإسراع و كذلك هذه الترجمة مناسبة للتي قبلها كأنه أراد أن يبين أن ابتداء العرض إنما يكون عند حمل الجنازة لأنها حينئذ يظهر لها ما تؤل إليه فتقول ما تقول (قوله باب ما قيل في أولاد المسلمين) أي غير البالغين قال الزين بن المنير تقدم في أوائل الجنائز ترجمة من مات له ولد فأحتسب و فيها الحديث المصدر به و إنما ترجم بهذه لمعرفة مآل الأولاد و وجه انتزاع ذلك أن من يكون سببا في حجب النار عن أبويه أولى بأن يحجب هو لأنه أصل الرحمة و سببها و قال النووي أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة و توقف فيه بعضهم لحديث عائشة يعني الذي أخرجه مسلم بلفظ توفي صبي من الأنصار فقلت طوبى له لم يعمل سوأ و لم يدركه فقال النبي صلى الله عليه وسلم أو غير ذلك يا عائشة إن الله خلق للجنة أهلا الحديث قال و الجواب عنه أنه لعله نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير دليل أو قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة انتهى و قال القرطبي نفى بعضهم الخلاف في ذلك و كأنه عنى ابن أبي زيد فإنه أطلق الإجماع في ذلك و لعله أراد إجماع من يعتد به و قال المازري الخلاف في غير أولاد الأنبياء انتهى و لعل البخاري أشار إلى ما ورد في بعض طرق حديث أبي هريرة الذي بدأ به كما سيأتي فإن فيه التصريح بإدخال الأولاد الجنة مع آبائهم و روى عبد الله بن أحمد في زيادات المسند عن علي مرفوعا أن المسلمين و أولادهم في الجنة و أن المشركين و أولادهم في النار ثم قرأ و الذين آمنوا و اتبعتهم الآية و هذا أصح ما ورد في تفسير هذه الآية و به جزم ابن عباس (قوله و قال أبو هريرة الخ) لم أره موصولا من حديثه على هذا الوجه نعم عند أحمد من طريق عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة بلفظ ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله وإياهم بفضل رحمته الجنة و لمسلم من طريق سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسب الا دخلت الجنة الحديث و له من طريق أبي زرعة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة دفنت ثلاثة قالت نعم قال لقد احتظرت بحظار شديد من النار و في صحيح أبي عوانة من طريق عاصم عن أنس مات ابن للزبير فجزع عليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كانوا له حجابا من النار (قوله كان له) كذا للأكثر أي كان موتهم له حجابا و للكشميهني كانوا أي الأولاد (قوله ثلاثة من الولد) سقط قوله من الولد في رواية أبي ذر وكذا سبق من رواية عبد الوارث عن عبد العزيز في باب فضل من مات له ولد فأحتسب و تقدم الكلام عليه مستوفى هناك (قوله لما توفي إبراهيم زاد الإسماعيلي من طريق عمرو بن مرزوق عن شعبة بسنده ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم و له من طريق معاذ عن شعبة بسنده عن النبي صلى الله عليه و سلم توفي ابنه إبراهيم (قوله إن له مرضعا في الجنة) قال ابن التين يقال امرأة مرضع بلا هاء مثل حائض و قد أرضعت فهي مرضعة إذا بني من الفعل قال الله تعالى تذهل كل مرضعة عما أرضعت قال و روى مرضعا بفتح الميم أي إرضاعا انتهى و قد سبق إلى حكاية هذا الوجه الخطابي و الأول رواية
(١٩٤)