وعن مالك أنه سأل عبد الله بن دينار ما كان ابن عمر يصنع بجلال بدنه حين كسيت الكعبة هذه الكسوة قال كان يتصدق بها وقال البيهقي بعد أن أخرجه من طريق يحيى بن بكير عن مالك زاد فيه غيره عن مالك إلا موضع السنام إلى آخر الأثر المذكور قال المهلب ليس التصدق بجلال البدن فرضا وإنما صنع ذلك ابن عمر لأنه أراد أن لا يرجع في شئ أهل به لله ولا في شئ أضيف إليه انتهى وفائدة شق الجل من موضع السنام ليظهر الإشعار لئلا يستتر ما تحتها وروى ابن المنذر من طريق أسامة بن زيد عن نافع أن ابن عمر كان يجلل بدنه الأنماط والبرود والحبر حتى يخرج من المدينة ثم ينزعها فيطويها حتى يكون يوم عرفة فيلبسها إياها حتى ينحرها ثم يتصدق بها قال نافع وربما دفعها إلى بني شيبة وأورد المصنف حديث علي في التصدق بجلال البدن مختصرا وسيأتي الكلام عليه مستوفى بعد سبعة أبواب إن شاء الله تعالى * (تنبيه) * ما في هذه الأحاديث من استحباب التقليد والإشعار وغير ذلك يقتضي أن إظهار التقرب بالهدي أفضل من إخفائه والمقرر أن إخفاء العمل الصالح غير الفرض أفضل من إظهاره فأما أن يقال أن أفعال الحج مبنية على الظهور كالإحرام والطوف والوقوف فكان الإشعار والتقليد كذلك فيخص الحج من عموم الإخفاء وإما أن يقال لا يلزم من التقليد والإشعار إظهار العمل الصالح لأن الذي يهديها يمكنه ان يبعثها مع من يقلدها ويشعرها ولا يقول أنها لفلان فتحصل سنة التقليد مع كتمان العمل وأبعد من استدل بذلك على أن العمل إذا شرع فيه صار فرضا وإما أن يقال أن التقليد جعل علما لكونها هديا حتى لا يطمع صاحبها في الرجوع فيها (قوله باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها) تقدم قبل ثمانية أبواب من اشترى الهدي من الطريق وأورد فيه حديث ابن عمر هذا من وجه آخر وإنما زادت هذه الترجمة التقليد وقد تقدم القول فيه مستوفى في باب من قلد القلائد بيده وحديث ابن عمر يأتي الكلام عليه مستوفى في أبواب المحصر إن شاء الله تعالى لكن قوله في هذه الرواية عام حجة الحرورية وفي رواية الكشميهني حج الحرورية في عهد ابن الزبير مغاير لقوله في باب طواف القارن من رواية الليث عن نافع عام نزول الحجاج بابن الزبير لأن حجة الحرورية كانت في السنة التي مات فيها يزيد بن معاوية سنة أربع وستين وذلك قبل أن يتسمى ابن الزبير بالخلافة ونزول الحجاج بابن الزبير كان في سنة ثلاث وسبعين وذلك في آخر أيام ان الزبير فإما أن يحمل على أن الراوي أطلق على الحجاج وأتباعه حرورية لجامع ما بينهم من الخروج على أئمة الحق وإما أن يحمل على تعدد القصة وقد ظهر من رواية أيوب عن نافع أن القائل لابن عمر الكلام المذكور هو ولده عبيد الله كما تقدم في باب من اشترى الهدي من الطريق وسيأتي في أول الإحصار مزيد بيان لذلك إن شاء الله تعالى (قوله باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن) أما التعبير بالذبح مع أن حديث الباب بلفظ النحر فإشارة إلى ما ورد في بعض طرقه بلفظ الذبح وسيأتي بعد سبعة أبواب من طريق سليمان بن بلال عن يحيى ابن سعيد ونحر البقر جائز عند العلماء إلا أن الذبح مستحب عندهم لقوله تعالى إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة وخالف الحسن بن صالح فاستحب نحرها وأما قوله من غير أمرهن فأخذه من استفهام عائشة عن اللحم لما دخل به عليها ولو كان ذبحه بعلمها لم تحتج إلى الاستفهام لكن ليس ذلك دافعا للاحتمال فيجوز أن يكون علمها بذلك تقدم بأن يكون استأذنهن في ذلك لكن لما
(٤٣٩)