و في حديث عائشة جواز التحديث عن أهل الكتاب بما وافق الحق (قوله باب التعوذ من عذاب القبر) قال الزين بن المنير أحاديث هذا الباب الخطبة في الباب الذي قبله و إنما أفردها عنها لأن الباب الأول معقود لثبوته ردا على من أنكره و الثاني لبيان ما ينبغي اعتماده في مده الحياة من التوسل إلى الله بالنجاة منه و الابتهال إليه في الصرف عنه (قوله أخبرنا يحيى) هو ابن سعيد القطان (قوله عن أبي أيوب) هو الأنصاري و في هذا الإسناد ثلاثة من الصحابة في نسق أولهم أبو جحيفة (قوله وجبت الشمس) أي سقطت و المراد غروبها (قوله فسمع صوتا) قيل يحتمل ان يكون سمع صوت ملائكة العذاب أو صوت اليهود المعذبين أو صوت وقع العذاب (قلت) قد وقع عند الطبراني من طريق عبد الجبار بن العباس عن عون بهذا السند مفسرا و لفظه خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم حين غربت الشمس و معي كوز من ماء فانطلق لحاجته حتى جاء فوضأته فقال أتسمع ما أسمع قلت الله ورسوله أعلم قال أسمع أصوات اليهود يعذبون في قبورهم (قوله يهود تعذب في قبورها) هو خبر متبدأ أي هذه يهود أو هو مبتدأ خبره محذوف قال الجوهري اليهود قبيلة و الأصل اليهوديون فحذفت ياء الإضافة مثل زنج و زنجي ثم عرف على هذا الحد فجمع على قياس شعير و شعيرة ثم عرف الجمع بالألف و اللام و لولا ذلك لم يجز دخول الألف و اللام لأنه معرفة مؤنث فجرى مجرى القبيلة و هو غير منصرف للعلمية و التأنيث وهو موافق لقوله فيما تقدم من حديث عائشة إنما تعذب اليهود و إذا ثبت أن اليهود تعذب بيهوديتهم ثبت تعذيب غيرهم من المشركين لأن كفرهم بالشرك أشد من كفر اليهود (قوله و قال النضر الخ) ساق هذه الطريق لتصريح عون فيها بسماعه له من أبيه و سماع أبيه له من البراء و قد وصله الإسماعيلي من طريق أحمد بن منصور عن النضر و لم يسق المتن و ساقه إسحق بن راهويه في مسنده عن النضر بلفظ فقال هذه يهود تعذب في قبورها قال ابن رشيد لم يجر للتعوذ من عذاب القبر في هذا الحديث ذكر فلهذا قال بعض الشارحين انه من بقية الباب الذي قبله و انما أدخله في هذا الباب بعض من نسخ الكتاب و لم يميز قال و يحتمل أن يكون المصنف أراد أن يعلم بأن حديث أم خالد ثاني أحاديث هذا الباب محمول على أنه صلى الله عليه وسلم تعوذ من عذاب القبر حين سمع أصوات يهود لما علم من حاله أنه كان يتعوذ و يأمر بالتعوذ مع عدم سماع العذاب فكيف مع سماعه قال و هذا جار على ما عرف من عادة المصنف في الإغماض و قال الكرماني العادة قاضية بأن كل من سمع مثل ذلك الصوت يتعوذ من مثله (قوله حدثنا معلى) هو ابن أسد و بنت خالد اسمها أمة و تكنى أم خالد و قد أورده المصنف في الدعوات من وجه آخر عن موسى بن عقبة سمعت أم خالد بنت خالد و لم أسمع أحدا سمع من النبي غيرها فذكره و وقع في الطبراني من وجه آخر عن موسى بلفظ استجيروا بالله من عذاب القبر فإن عذاب القبر حق (قوله في حديث أبي هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو) زاد الكشميهني و يقول و قد تقدم الكلام على فوائد هذا الحديث في آخر صفة الصلاة قبيل كتاب الجمعة (قوله باب عذاب القبر من الغيبة و البول) قال الزين بن المنير المراد بتخصيص هذين الأمرين بالذكر تعظيم أمرهما لا نفي الحكم عما عداهما فعلى هذا لا يلزم من ذكرهما حصر عذاب القبر فيهما لكن الظاهر من الاقتصار على ذكرهما أنهما أمكن في ذلك من غيرهما و قد روى أصحاب السنن من حديث أبي
(١٩٢)