والأقرب ما قال الزهري وبين الزهري السبب في صنيعهم ذلك فقال كان ناس من الأنصار إذا أهلوا بالعمرة لم يحل بينهم وبين السماء شئ فكان الرجل إذا أهل فبدت له حاجة في بيته لم يدخل من الباب من أجل السقف أن يحول بينه وبين السماء واتفقت الروايات على نزول الآية في سبب الإحرام إلا ما أخرجه عبد بن حميد بإسناد صحيح عن الحسن قال كان الرجل من الجاهلية يهم بالشئ يصنعه فيحبس عن ذلك فلا يأتي بيتا من قبل بابه حتى يأتي الذي كان هم به فجعل ذلك من باب الطيرة وغيره جعل ذلك بسبب الإحرام وخالفهم محمد بن كعب القرظي فقال كان الرجل إذا أعتكف لم يدخل منزله من باب البيت فنزلت أخرجه ابن أبي حاتم بإسناد (3) ضعيف وأغرب الزجاج في معانيه فجزم بأن سبب نزولها ما روي عن الحسن لكن ما في الصحيح أصح والله أعلم واتفقت الروايات على أن الحمس كانوا لا يفعلون ذلك بخلاف غيرهم وعكس ذلك مجاهد فقال كان المشركون إذا أحرم الرجل منهم ثقب كوة في ظهر بيته فدخل منها فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ومعه رجل من المشركين فدخل من الباب وذهب المشرك ليدخل من الكوة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأنك فقال أني أحمسي فقال وأنا أحمسي فنزلت أخرجه الطبري (قوله باب السفر قطعة من العذاب) قال ابن المنير أشار البخاري بإيراد هذه الترجمة في أواخر أبواب الحج والعمرة أن الإقامة في الأهل أفضل من المجاهدة انتهى وفيه نظر لا يخفى لكن يحتمل أن يكون المصنف أشار بإيراده في الحج إلى حديث عائشة بلفظ إذا قضى أحدكم حجه فليعجل إلى أهله وسيأتي بيان من أخرجه (قوله عن سمي) كذا لأكثر الرواة عن مالك وكذا هو في الموطأ وصرح يحيى بن يحيى النيسابوري عن مالك بتحديث سمي له به وشذ خالد بن مخلد عن مالك فقال عن سهيل بدل سمي أخرجه ابن عدي وذكر الدارقطني أن ابن الماجشون رواه عن مالك عن سهيل أيضا فتابع خالد بن مخلد لكن قال الدارقطني أن أبا علقمة القروي تفرد به عن ابن الماجشون وأنه وهم فيه ورواه الطبراني عن أحمد عن بشير الطيالسي عن محمد بن جعفر الوركاني عن مالك عن سهيل وخالفه موسى بن هارون فرواه عن الوركاني عن مالك عن سمي قال الدارقطني حدثنا به دعلج عن موسى قال والوهم في هذا من الطبراني أو من شيخه وسمي هو المحفوظ في رواية مالك قاله ابن عدي وأخرجه الدارقطني وغيرهما ولم يروه عن سمي غير مالك قاله ابن عبد البر ثم أسند عن عبد الملك بن الماجشون قال قال مالك ما لأهل العراق يسألونني عن حديث السفر قطعة من العذاب فقيل له لم يروه عن سمي أحد غيرك فقال لو عرفت ما حدثت به وكان مالك ربما أرسله لذلك ورواه عتيق بن يعقوب عن مالك عن أبي النضر عن أبي صالح ووهم فيه أيضا على مالك أخرجه الطبراني والدارقطني ورواه رواد بن الجراح عن مالك فزاد فيه إسنادا آخر فقال عن ربيعة عن القاسم عن عائشة وعن سمي باسناده فذكره قال الدارقطني أخطأ فيه رواد بن الجراح وأخرجه ابن عبد البر من طريق أبي مصعب عن عبد العزيز الدراوردي عن سهيل عن أبيه وهذا يدل على أن له في حديث سهيل أصلا وأن سميا لم ينفرد به وقد أخرجه أحمد في مسنده من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة وأخرجه ابن عدي من طريق جمهان عن أبي هريرة أيضا فلم ينفرد به أبو صالح وأخرجه الدارقطني والحاكم من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بإسناد جيد فلم ينفرد به أبو هريرة بل في الباب عن ابن عباس وابن عمر وأبي سعيد
(٤٩٥)