بإنفاق الكافر المرائي الذي لا يجد بين يديه شيئا منه ومقارنة الرياء من المسلم لصدقته أقبح من مقارنة الإيذاء وأولى أن يشبه بإنفاق الكافر المرائي في إبطال إنفاقه اه وقال ابن رشيد اقتصر البخاري في هذه الترجمة على الآية ومراده أن المشبه بالشئ يكون أخفى من المشبه به لأن الخفي ربما شبه بالظاهر ليخرج من حيز الخفاء إلى الظهور ولما كان الإنفاق رياء من غير المؤمن ظاهرا في إبطال الصدقة شبه به الإبطال بالمن والأذى أي حالة هؤلاء في الإبطال كحالة هؤلاء هذا من حيث الجملة ولا يبعد أن يراعى حال التفصيل أيضا لأن حال المان شبيه بحال المرائي لأنه لما من ظهر أنه لم يقصد وجه الله وحال المؤذي يشبه حال الفاقد للإيمان من المنافقين لأن من يعلم أن للمؤذي ناصرا ينصره لم يؤذه فعلم بهذا أن حالة المرائي أشد من حالة المان والمؤذي انتهى ويتلخص أن يقال لما كان المشبه به أقوى من المشبه وابطال الصدقة بالمن والأذى قد شبه بإبطالها بالرياء فيها كان أمر الرياء أشد (قوله وقال ابن عباس صلدا ليس عليه شئ) وصله بن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هكذا في قوله فتركه صلدا أي ليس عليه شئ وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة في هذه الآية قال هذا مثل ضربه الله لأعمال الكفار يوم القيامة يقول لا يقدرون على شئ مما كسبوا يومئذ كما ترك هذا المطر الصفا نقيا ليس عليه شئ ومن طريق أسباط عن السدي نحوه (قوله وقال عكرمة وابل مطر شديد والطل الندى) وصله عبد بن حميد عن روح بن عبادة عن عثمان بن غياث سمعت عكرمة قال في قوله وابل قال مطر شديد والطل الندى (قوله باب لا تقبل صدقة من غلول) كذا للأكثر على البناء للمجهول وفي رواية المستملى لا يقبل الله وهذا طرف من حديث أخرجه مسلم باللفظ الأول وقد سبق باقيه في ترجمته في كتاب الطهارة وأخرجه الحسن بن سفيان في مسنده عن أبي كامل أحد مشايخ مسلم فيه بلفظ لا يقبل الله صلاة إلا بطهور ولا صدقة من غلول ولأبي داود من حديث أبي المليح عن أبيه مرفوعا لا يقبل الله صدقة من غلول ولا صلاة بغير طهور وإسناده صحيح (قوله ولا يقبل إلا من كسب طيب) هذا للمستملي وحده وهو طرف من حديث أبي هريرة الآتي بعده (قوله لقوله قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى إلى قوله حليم) قال ابن المنير جرى المصنف على عادته في إيثار الخفي على الجلي وذلك أن في الآية أن الصدقة لما تبعتها سيئة الأذى بطلت والغلول أذى إن قارن الصدقة أبطلها بطريق الأولى أو لأنه جعل المعصية اللاحقة للطاعة بعد تقررها تبطل الطاعة فكيف إذا كانت الصدقة بعين المعصية لأن الغال في دفعه المال إلى الفقير غاصب متصرف في ملك الغير فكيف تقع المعصية طاعة معتبرة وقد أبطلت المعصية الطاعة المحققة من أول أمرها وتعقبه ابن رشيد بأنه ينبني على أن الأذى أعم من أن يكون من جهة المتصدق للمتصدق عليه أو إيذائه لغيره كما في الغلول فيكون من باب الأولى وقد لا يسلم هذا في معنى الآية لبعده فإن الظاهر أن المراد بالأذى في الآية إنما هو ما يكون من جهة المسؤول للسائل فإنه عطف على المن وجمع معه بالواو والذي يظهر أن البخاري قصد أن المتصدق عليه إذا علم أن المتصدق به غلول أو غصب أو نحوه تأذى بذلك ولم يرضى به كما قاء أبو بكر اللبن لما علم أنه من وجه غير طيب وقد صدق على المتصدق أنه مؤذ له بتعريضه أبا كل ما لو علمه لم يقبله والله أعلم (قوله قول معروف) فسره بالرد الجميل وقوله ومغفرة أي عفو عن السائل إذا وجد
(٢٢٠)