النفس على إخراج المال مع قيام مانع الشح دالا على صحة القصد وقوة الرغبة في القربة كان ذلك أفضل من غيره وليس المراد أن نفس الشح هو السبب في هذه الأفضلية والله أعلم * (تنبيه) * وقع في رواية غير أبي ذر تقديم آية المنافقين على آية البقرة وفي رواية أبي ذر بالعكس (قوله حدثنا عبد الواحد) هو ابن زياد (قوله جاء رجل) لم أقف على تسميته ويحتمل أن يكون أبا ذر ففي مسند أحمد عنه أنه سأل أي الصدقة أفضل لكن في الجواب جهد من مقل أو سؤال فقير وكذا روى الطبراني من حديث أبي أمامة أن أبا ذر سأل فأجيب (قوله أي الصدقة أعظم أجرا) في الوصايا من وجه آخر عن عمارة بن القعقاع أي الصدقة أفضل (قوله أن تصدق) بتشديد الصاد وأصله تتصدق فأدغمت إحدى التاءين (قوله وأنت صحيح شحيح) في الوصايا وأنت صحيح حريص قال صاحب المنتهى الشح بخل مع حرص وقال صاحب المحكم الشح مثلث الشين والضم أعلى وقال صاحب الجامع كأن الفتح في المصدر والضم في الاسم وقال الخطابي فيه أن المرض يقصر يد المالك عن بعض ملكه وأن سخاوته بالمال في مرضه لا تمحو عنه سيمة البخل فلذلك شرط صحة البدن في الشح بالمال لأنه في الحالتين يجد للمال وقعا في قلبه لما يأمله من البقاء فيحذر معه الفقر وأحد الأمرين للموصي والثالث للوارث لأنه إذا شاء أبطله قال الكرماني ويحتمل أن يكون الثالث للموصي أيضا لخروجه عن الاستقلال بالتصرف فيما يشاء فلذلك نقص ثوابه عن حال الصحة قال ابن بطال وغيره لما كان الشح غالبا في الصحة فالسماح فيه بالصدقة أصدق في النية وأعظم للأجر بخلاف من يئس من الحياة ورأى مصير المال لغيره (قوله وتأمل) بضم الميم أي تطمع (قوله إذا بلغت) أي الروح والمراد قاربت بلوغه إذ لو بلغته حقيقة لم يصح شئ من تصرفاته ولم يجر للروح ذكر اغتناء بدلالة السياق والحلقوم مجرى النفس قاله أبو عبيدة وقد تقدم في أواخر كتاب العلم وسيأتي بقية الكلام على هذا الحديث في كتاب الوصايا إن شاء الله تعالى (قوله باب) كذا للأكثر وبه جزم الإسماعيلي وسقط لأبي ذر فعلى روايته هو من ترجمة فضل صدقة الصحيح وعلى رواية غيره فهو بمنزلة الفصل منه وأورد فيه المصنف قصة سؤال أزواج النبي صلى الله عليه وسلم منه أيتهن أسرع لحوقا به وفيه قوله لهن أطولكن يدا الحديث ووجه تعلقه بما قبله أن هذا الحديث تضمن أن الإيثار والاستكثار من الصدقة في زمن القدرة على العمل سبب للحاق بالنبي صلى الله عليه وسلم وذلك الغاية في الفضيلة أشار إلى هذا الزين بن المنير وقال ابن رشيد وجه المناسبة أنه تبين في الحديث أن المراد بطول اليد المقتضي للحاق به الطول وذلك إنما يتأتى للصحيح لأنه إنما يحصل بالمداومة في حال الصحة وبذلك يتم المراد والله أعلم (قوله إن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم) لم أقف على تعيين المساءلة منهن عن ذلك إلا عند ابن حبان من طريق يحيى بن حماد عن أبي عوانة بهذا الإسناد قالت فقلت بالمثناة وقد أخرجه النسائي من هذا الوجه بلفظ فقلن بالنون فالله أعلم (قوله أسرع بك لحوقا) منصوب على التمييز وكذا قوله يدا وأطولكن مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف (قوله فأخذوا قصبة يذرعونها) أي يقدرونها بذراع كل واحدة منهن وإنما ذكره بلفظ جمع المذكر بالنظر إلى لفظ الجمع لا بلفظ جماعة النساء وقد قيل في قول الشاعر * وإن شئت حرمت النساء سواكم * أنه ذكره بلفظ جمع المذكر تعظيما وقوله أطولكن يناسب ذلك
(٢٢٦)