(قوله عن عبد الله) هو ابن مسعود (قوله بأمر سوء) بإضافة أمر إلى سوء و في الحديث دليل على اختيار النبي صلى الله عليه و سلم تطويل صلاة الليل و قد كان بن مسعود قويا محافظا على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه و سلم و ما هم بالقعود الا بعد طول كثير ما اعتاده و أخرج مسلم من حديث جابر أفضل الصلاة طول القنوت فاستدل به على ذلك و يحتمل أن يراد بالقنوت في حديث جابر الخشوع و ذهب كثير من الصحابة و غيرهم إلى أن كثرة الركوع و السجود أفضل و لمسلم من حديث ثوبان أفضل الأعمال كثرة السجود و الذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص و الأحوال و في الحديث أن مخالفة الإمام في أفعاله معدودة في العمل السئ و فيه تنبيه على فائدة معرفة ما بينهم من الأحوال و غيرها لأن أصحاب ابن مسعود ما عرفوا مراده من قوله هممت بأمر سوء حتى استفهموه عنه و لم ينكر عليهم استفهامهم عن ذلك و روى مسلم من حديث حذيفة أنه صلى مع النبي صلى الله عليه و سلم ليلة فقرأ البقرة و آل عمران و النساء في ركعه و كان إذا مر بآية فيها تسبيح سبح أو سؤال سأل أو تعوذ تعوذ ثم ركع نحوا مما قام ثم قام نحوا مما ركع ثم سجد نحوا مما قام و هذا إنما يتأتى في نحو من ساعتين فلعله صلى الله عليه و سلم أحيا تلك الليلة كلها و أما ما يقتضيه حاله في غير هذه الليلة فإن في أخبار عائشة أنه كان يقوم قدر ثلث الليل و فيها أنه كان لا يزيد على إحدى عشرة ركعة فيقتضي ذلك تطويل الصلاة و الله أعلم * (تنبيه) * ذكر الدارقطني أن سليمان بن حرب تفرد برواية هذا الحديث عن شعبة حكاه عنه البرقاني و هو من الأفراد المقيدة فإن مسلما أخرج هذا الحديث من طريق أخرى عن الأعمش (قوله عن خالد بن عبد الله) هو الواسطي و حصين هو ابن عبد الرحمن الواسطي أيضا و قد تقدم حديث حذيفة في الطهارة و استشكل ابن بطال دخوله في هذا الباب فقال لا مدخل له هنا لأن التسوك في صلاة الليل لا يدل على طول الصلاة قال و يمكن أن يكون ذلك من غلط الناسخ فكتبه في غير موضعه أو أن البخاري أعجلته المنية قبل تهذيب كتابه فإن فيه مواضع مثل هذا أخذت على ذلك و قال بن المنير يحتمل أن يكون أشار إلى أن استعمال السواك يدل على ما يناسبه من إكمال الهيئة والتأهب و هو دليل طول القيام إذ التخفيف لا يتهيأ له هذا التهيؤ الكامل و قد قال ابن رشيد الذي عندي أن البخاري إنما أدخله لقوله إذا قام للتهجد أي إذا قام لعادته وقد تبينت عادته في الحديث الآخر و لفظ التهجد مع ذلك مشعر بالسهر و لا شك أن في التسوك عونا على دفع النوم فهو مشعر بالاستعداد للإطالة و قال البدر بن جماعة يظهر لي أن البخاري أراد بهذا الحديث استحضار حديث حذيفة الذي أخرجه مسلم يعني المشار إليه قريبا قال و إنما لم يخرجه لكونه على غير شرطه فأما أن يكون أشار إلى أن الليلة واحدة أو نبه بأحد حديثي حذيفة على الآخر و أقر بها توجيه ابن رشيد و يحتمل أن يكون بيض الترجمة لحديث حذيفة فضم الكاتب الحديث إلى الحديث الذي قبله و حذف البياض (قوله باب كيف صلاة الليل و كم كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلي بالليل) أورد فيه أربعة أحاديث أولها حديث بن عمر صلاة الليل مثنى مثنى الحديث و قد تقدم الكلام عليه في أول أبواب الوتر وأنه الأفضل في حق الأمة لكونه أجاب به السائل و أنه صلى الله عليه و سلم صح عنه فعل الفصل و الوصل ثانيها حديث أبي جمرة عن ابن عباس كانت
(١٦)