بالكافر و على أن صهيبا أحد من سمع هذا الحديث من النبي صلى الله عليه و سلم و كأنه نسيه حتى ذكره به عمر و زاد فيه عبد الملك بن عمير عن أبي بردة فذكرت ذلك لموسى بن طلحة فقال كانت عائشة تقول إنما كان أولئك اليهود أخرجه مسلم قال الزين بن المنير أنكر عمر على صهيب بكاءه لرفع صوته بقوله و أخاه ففهم منه أن اظهاره لذلك قبل موت عمر يشعر باستصحابه ذلك بعد وفاته أو زيادته عليه فابتدره بالإنكار لذلك و الله أعلم و قال ابن بطال أن قيل كيف نهى صهيبا عن البكاء و أقر نساء بني المغيرة على البكاء على خالد كما سيأتي في الباب الذي يليه فالجواب أنه خشي أن يكون رفعه لصوته من باب ما نهى عنه و لهذا قال في قصة خالد ما لم يكن نقع أو لقلقة (قوله باب ما يكره من النياحة على الميت) قال الزين بن المنير ما موصولة و من لبيان الجنس فالتقدير الذي يكره من جنس البكاء هو النياحة و المراد بالكراهة كراهة التحريم لما تقدم من الوعيد عليه انتهى و يحتمل أن تكون ما مصدرية و من تبعيضية و التقدير كراهية بعض النياحة أشار إلى ذلك ابن المرابط و غيره و نقل ابن قدامة عن أحمد رواية أن بعض النياحة لا تحرم و فيه نظر و كأنه أخذه من كونه صلى الله عليه و سلم لم ينه عمة جابر لما ناحت عليه فدل على أن النياحة إنما تحرم إذا انضاف إليها فعل من ضرب خد أو شق جيب و فيه نظر لأنه صلى الله عليه و سلم إنما نهى عن النياحة بعد هذه القصة لأنها كانت بأحد و قد قال في أحد لكن حمزة لا بواكي له ثم نهى عن ذلك و توعد عليه و ذلك بين فيما أخرجه أحمد و ابن ماجة و صححه الحاكم من طريق أسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مر بنساء بني عبد الأشهل يبكين هلكاهن يوم أحد فقال لكن حمزة لا بواكي له فجاء نساء الأنصار يبكين حمزة فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ويحهن ما انقلبن بعد مروهن فلينقلبن و لا يبكين على هالك بعد اليوم و له شاهد أخرجه عبد الرزاق من طريق عكرمة مرسلا و رجاله ثقات (قوله و قال عمر دعهن يبكين على أبي سليمان الخ) هذا الأثر و صله المصنف في التاريخ الأوسط من طريق الأعمش عن شقيق قال لما مات خالد بن الوليد اجتمع نسوة بني المغيرة أي ابن عبد الله بن عمرو بن مخزوم و هن بنات عم خالد بن الوليد بن المغيرة يبكين عليه فقيل لعمر أرسل إليهن فانههن فذكره و أخرجه ابن سعد عن وكيع و غير واحد عن الأعمش (قوله ما لم يكن نقع أو لقلقة) بقافين الأولى ساكنه و قد فسره المصنف بأن النقع التراب أي وضعه على الرأس و اللقلقة الصوت أي المرتفع و هذا قول الفراء فأما تفسير اللقلقة فمتفق عليه كما قال أبو عبيد في غريب الحديث و أما النقع فروى سعيد بن منصور عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال النقع الشق أي شق الجيوب و كذا قال وكيع فما رواه ابن سعد عنه و قال الكسائي هو صنعة الطعام للمأتم كأنه ظنه من النقيعة و هي طعام المأتم و المشهور أن النقعية طعام القادم من السفر كما سيأتي في آخر الجهاد و قد أنكره أبو عبيد عليه و قال الذي رأيت عليه أكثر أهل العلم أن رفع الصوت يعني بالبكاء و قال بعضهم هو وضع التراب على الرأس و النقع هو الغبار و قيل هو شق الجيوب و هو قول شمر و قيل هو صوت لطم الخدود حكاه الأزهري و قال الإسماعيلي معترضا على البخاري النقع لعمري هو الغبار و لكن ليس هذا موضعه و إنما هو هنا الصوت العالي و اللقلقة ترديد صوت النواحة انتهى و لا مانع من حمله على المعنيين بعد أن فسر المراد بكونه وضع التراب على
(١٢٩)