الجمهور و في رواية عمرو المذكورة مرضعا ترضعه في الجنة و قد تقدم الكلام على قصة موت إبراهيم مستوفى في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إنا بك لمحزونون و إيراد البخاري له في هذا الباب يشعر باختيار القول الصائر إلى أنهم في الجنة فكأنه توقف فيه أولا ثم جزم به (قوله باب ما قيل في أولاد المشركين) هذه الترجمة تشعر أيضا بأنه كان متوقفا في ذلك و قد جزم بعد هذا في تفسير سورة الروم بما يدل على اختيار القول الصائر إلى أنهم في الجنة كما سيأتي تحريره و قد رتب أيضا أحاديث هذا الباب ترتيبا يشير إلى المذهب المختار فإنه صدره بالحديث الدال على التوقف ثم ثنى بالحديث المرجح لكونهم في الجنة ثم ثلث بالحديث المصرح بذلك فإن قوله في سياقه و أما الصبيان حوله فأولاد الناس قد أخرجه في التعبير بلفظ و أما الولدان الذين حوله فكل مولود يولد على الفطرة فقال بعض المسلمين و أولاد المشركين فقال و أولاد المشركين و يؤيده ما رواه أبو يعلى من حديث أنس مرفوعا سألت ربي اللأهين من ذرية البشر أن لا يعذبهم فأعطانيهم إسناده حسن و ورد تفسير اللأهين بأنهم الأطفال من حديث ابن عباس مرفوعا أخرجه البزار و روى أحمد من طريق خنساء بنت معاوية بن صريم عن عمتها قالت قلت يا رسول الله من في الجنة قال النبي في الجنة و الشهيد في الجنة و المولود في الجنة إسناده حسن * و اختلف العلماء قديما و حديثا في هذه المسئلة على أقوال أحدها أنهم في مشيئة الله تعالى و هو منقول عن الحمادين و ابن المبارك و إسحق و نقله البيهقي في الإعتقاد عن الشافعي في حق أولاد الكفار خاصة قال ابن عبد البر و هو مقتضى صنيع مالك و ليس عنده في هذه المسئلة شئ منصوص إلا أن أصحابه صرحوا بأن أطفال المسلمين في الجنة و أطفال الكفار خاصة في المشيئة و الحجة فيه حديث الله أعلم بما كانوا عاملين * ثانيها أنهم تبع لآبائهم فأولاد المسلمين في الجنة و أولاد الكفار في النار و حكاه ابن حزم عن الأزارقة من الخوارج و احتجوا بقوله تعالى رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا و تعقبه بأن المراد قوم نوح خاصة و إنما دعا بذلك لما أوحى الله إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن و أما حديث هم من آبائهم أو منهم فذاك ورد في حكم الحربي و روى أحمد من حديث عائشة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ولدان المسلمين قال في الجنة و عن أولاد المشركين قال في النار فقلت يا رسول الله لم يدركوا الأعمال قال ربك أعلم بما كانوا عاملين لو شئت أسمعتك تضاغيهم في النار و هو حديث ضعيف جدا لأن في إسناده أبا عقيل مولى بهية و هو متروك * ثالثها أنهم يكونون في برزخ بين الجنة و النار لأنهم لم يعملوا حسنات يدخلون بها الجنة و لا سيئات يدخلون بها النار * رابعها خدم أهل الجنة و فيه حديث عن أنس ضعيف أخرجه أبو داود الطيالسي و أبو يعلى و للطبراني و البزار من حديث سمرة مرفوعا أولاد المشركين خدم أهل الجنة و إسناده ضعيف خامسها * أنهم يصيرون ترابا روى عن ثمامة بن أشرس سادسها هم في النار حكاه عياض عن أحمد و غلطه ابن تيمية بأنه قول لبعض أصحابه ولا يحفظ عن الإمام أصلا * سابعها أنهم يمتحنون في الآخرة بأن ترفع لهم نار فمن دخلها كانت عليه بردا و سلاما و من أبي عذب أخرجه البزار من حديث أنس و أبي سعيد و أخرجه الطبراني من حديث معاذ بن جبل و قد صحت مسئلة الإمتحان في حق المجنون و من مات في الفترة من طرق صحيحة و حكى البيهقي في كتاب الإعتقاد أنه المذهب الصحيح و تعقب بأن الآخرة ليست دار تكليف فلا عمل فيها و لا ابتلاء
(١٩٥)