(قوله ولا بأس أن يشتري صدقة غيره) قد أستدل له بما ذكر ومراده قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث لا تعد وقوله العائد في صدقته ولو كان المراد تعميم المنع لقال لا تشتروا الصدقة مثلا وسيأتي لذلك مزيد بيان في باب إذا حولت الصدقة ثم أورد المصنف حديث عمر في تصدقه بالفرس واستئذانه في شرائه بعد ذلك من طريقين فسياق الأولى يقتضي أنه من حديث ابن عمر والثانية أنه من مسند عمر ورجح الدارقطني الأولى لكن حيث جاء من طريق سالم وغيره من الرواة عن ابن عمر فهو من مسنده وأما رواية أسلم مولى عمر فهي عن عمر نفسه والله أعلم (قوله تصدق بفرس) أي حمل عليه رجلا في سبيل الله كما في الطريق الثانية والمعنى أنه ملكه له ولذلك ساغ له بيعه ومنهم من قال كان عمر قد حبسه وإنما ساغ للرجل بيعه لأنه حصل فيه هزال عجز لأجله عن اللحاق وضعف عن ذلك وانتهى إلى حالة عدم الانتفاع به وأجاز ذلك ابن القاسم ويدل على أنه حمل تمليك قوله ولا تعد في صدقتك ولو كان حبسا لعلله به وقوله فيها فأضاعه الذي كان عنده أي بترك القيام عليه بالخدمة والعلف ونحوهما وقال في الأولى فوجده يباع (قوله وإن أعطاكه بدرهم) هو مبالغة في رخصه وهو الحامل له على شرائه (قوله ولا تعد) في رواية أحمد من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم ولا تعودن وسمي شراءه برخص عودا في الصدقة من حيث أن الغرض منها ثواب الآخرة فإذا اشتراها برخص فكأنه أختار عرض الدنيا على الآخرة مع أن العادة تقتضي بيع مثل ذلك برخص لغير المتصدق فكيف بالمتصدق فيصير راجعا في ذلك المقدار الذي سومح فيه * (فائدة) * أفاد ابن سعد في الطبقات أن اسم هذا الفرس الورد وأنه كان لتميم الداري فأهداه للنبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه لعمر ولم أقف على اسم الرجل الذي حمله عليه (قوله كالعائد في قيئه) استدل به على تحريم ذلك لأن القئ حرام قال القرطبي وهذا هو الظاهر من سياق الحديث ويحتمل أن يكون التشبيه للتنفير خاصة لكون القئ مما يستقذر وهو قول الأكثر ويلتحق بالصدقة الكفارة والنذر وغيرهما من القربات وأما إذا ورثه فلا كراهة وأبعد من قال يتصدق به (قوله في الطريق الأولى ولهذا كان ابن عمر لا يترك أن يبتاع شيئا تصدق به إلا جعله صدقة) كذا في رواية أبي ذر وعلى حرف لا تضبيب ولا أدري ما وجهه وبإثبات النفي يتم المعنى أي كان إذا اتفق له أن يشتري شيئا مما تصدق به لا يتركه في ملكه حتى يتصدق به وكأنه فهم أن النهي عن شراء الصدقة إنما هو لمن أراد أن يتملكها لا لمن يردها صدقة وفي الحديث كراهة الرجوع في الصدقة وفصل الحمل في سبيل الله والإعانة على الغزو بكل شئ وأن الحمل في سبيل الله تمليك وأن للمحمول بيعه والانتفاع بثمنه وسيأتي تكميل الكلام على هذا الحديث في أبوب الهبة إن شاء الله تعالى (قوله باب ما يذكر من الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم وآله) لم يعين الحكم لشهرة الاختلاف فيه والنظر فيه في ثلاثة مواضع * أولها المراد بالآل هنا بنو هاشم وبنو المطلب على الأرجح من أقوال العلماء وسيأتي دليله في أبواب الخمس في آخر الجهاد قال الشافعي أشركهم النبي صلى الله عليه وسلم في سهم ذوي القربى ولم يعط أحدا من قبائل قريش غيرهم وتلك العطية عوض عوضوه بدلا عما حرموه من الصدقة وعن أبي حنيفة ومالك بنو هاشم فقط وعن أحمد في بني المطلب روايتان وعن المالكية فيما بين هاشم وغالب بن فهر قولان فعن أصبغ منهم هم بنو قصي وعن غيره بنو غالب بن فهر * ثانيها كان يحرم على النبي
(٢٧٩)