أي بغير شره ولا إلحاح أي من أخذه بغير سؤال وهذا بالنسبة إلى الآخذ ويحتمل أن يكون بالنسبة إلى المعطي أي بسخاوة نفس المعطي أي انشراحه بما يعطيه (قوله كالذي يأكل ولا يشبع) أي الذي يسمى جوعه كذابا لأنه من علة به وسقم فكلما أكل إزداد سقما ولم يجد شبعا (قوله اليد العليا) تقدم الكلام عليه مستوفى في باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى (قوله لا أرزأ) بفتح الهمزة وإسكان الراء وفتح الزاي بعدها همزة أي لا أنقص ماله بالطلب منه وفي رواية لإسحاق قلت فوالله لا تكون يدي بعدك تحت يد من أيدي العرب وإنما إمتنع حكيم من أخذ العطاء مع أنه حقه لأنه خشي أن يقبل من أحد شيئا فيعتاد الأخذ فتتجاوز به نفسه إلى ما لا يريده ففطمها عن ذلك وترك ما يريبه إلى ما لا يربيه وإنما أشهد عليه عمر لأنه أراد أن لا ينسبه أحد لم يعرف باطن الأمر إلى منع حكيم من حقه (قوله حتى توفي) زاد إسحق بن راهويه في مسنده من طريق عمر بن عبد الله بن عروة مرسلا أنه ما أخذ من أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا معاوية ديوانا ولا غيره حتى مات لعشر سنين مع إمارة معاوية قال بن أبي جمرة في حديث حكيم فوائد منها أنه قد يقع الزهد مع الأخذ فإن سخاوة النفس هو زهدها تقول سخت بكذا أي جادت وسخت عن كذا أي لم تلتفت إليه ومنها أن الأخذ مع سخاوة النفس يحصل أجر الزهد والبركة في الرزق فيتبين أن الزهد يحصل خيري الدنيا والآخرة وفيه ضرب المثل لما لا يعقله السامع من الأمثلة لأن الغالب من الناس لا يعرف البركة إلا في الشئ الكثير فبين بالمثال المذكور أن البركة هي خلق من خلق الله تعالى وضرب لهم المثل بما يعهدون فالأكل إنما يأكل لشبع فإذا أكل ولم يشبع كان عناء في حقه بغير فائدة وكذلك المال ليست الفائدة في عينه وإنما هي لما يتحصل به من المنافع فإذا كثر عند المرء بغير تحصيل منفعة كان وجوده كالعدم وفيه أنه ينبغي للإمام أن لا يبين للطالب ما في مسئلته من المفسدة إلا بعد قضاء حاجته لتقع موعظته له الموقع لئلا يتخيل أن ذلك سبب لمنعه من حاجته وفيه جواز تكرار السؤال ثلاثا وجواز المنع في الرابعة والله أعلم وفي الحديث أيضا أن سؤال الأعلى ليس بعار وأن رد السائل بعد ثلاث ليس بمكروه وأن الإجمال في الطلب مقرون بالبركة وقد زاد إسحق بن راهويه في مسنده عن طريق معمر عن الزهري في آخره فمات حين مات وإنه لمن أكثر قريش مالا وفيه أيضا سبب ذلك وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى حكيم بن حزام دون ما أعطى أصحابه فقال حكيم يا رسول الله ما كنت أظن أن تقصر بي دون أحد من الناس فزاده ثم استزاده حتى رضي فذكر نحو الحديث (قوله باب من أعطاه الله شيئا من غير مسئلة ولا إشراف نفس وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) في رواية المستملي تقديم الآية وسقطت للأكثر ومطابقتها لحديث الباب من جهة دلالتها على مدح من يعطي السائل وغير السائل وإذا كان المعطي ممدوحا فعطيته مقبولة وآخذها غير ملوم وقد اختلف أهل العلم بالتفسير في المراد بالمحروم فروى الطبري من طريق ابن شهاب أنه المتعفف الذي لا يسأل وأخرجه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن شهاب أنه بلغه فذكر مثله وأخرجه الطبري عن قتادة مثله وأخرج فيه أقوالا أخر وعلى التفسير المذكور تنطبق الترجمة والإشراف بالمعجمة التعرض للشئ والحرص عليه من قولهم أشرف على كذا إذا تطاول له وقيل للمكان المرتفع شرف لذلك وتقدير جواب الشرط فليقبل أي من أعطاه الله مع انتفاء القيدين المذكورين فليقبل وإنما حذفه
(٢٦٦)