ركعتين فلعل شربه من زمزم كان بعد ذلك ولعل عكرمة إنما أنكر شربه قائما لنهيه عنه لكن ثبت عن علي عند البخاري أنه صلى الله عليه وسلم شرب قائما فيحمل على بيان الجواز (قوله باب طواف القارن) أي هل يكتفي بطواف واحد أو لا بد من طوافين أورد فيه حديث عائشة في حجة الوداع وفيه وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا وحديث ابن عمر في حجة عام نزل الحجاج بابن الزبير أورده من وجهين في كل منهما أنه جمع بين الحج والعمرة أهل بالعمرة أولا ثم أدخل عليها الحج وطاف لهما طوافا واحدا كما في الطريق الأولى و في الطريق الثانية ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول وفي هذه الرواية رفع احتمال قد يؤخذ من الرواية الأولى أن المراد بقوله طوافا واحدا أي طاف لكل منهما طوافا يشبه الطواف الذي للآخر والحديثان ظاهران في أن القارن لا يجب عليه إلا طواف واحد كالمفرد وقد رواه سعيد بن منصور من وجه آخر عن نافع عن ابن عمر أصرح من سياق حديثي الباب في الرفع ولفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من جمع بين الحج والعمرة كفاه لهما طواف واحد وسعي واحد وأعله الطحاوي بأن الدراوردي أخطأ فيه وأن الصواب أنه موقوف وتمسك في تخطئته بما رواه أيوب والليث وموسى بن عقبة وغير واحد عن نافع نحو سياق ما في الباب من أن ذلك وقع لابن عمر وأنه قال أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لا أنه روى هذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم اه وهو تعليل مردود فالدراوردي صدوق وليس ما رواه مخالفا لما رواه غيره فلا مانع من أن يكون الحديث عند نافع على الوجهين واحتج الحنيفة بما روي عن علي أنه جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل وطرقه عن علي عند عبد الرزاق والدارقطني وغيرهما ضعيفة وكذا أخرج من حديث ابن مسعود بإسناد ضعيف نحوه وأخرج من حديث ابن عمر نحو ذلك وفيه الحسن بن عمارة وهو متروك والمخرج في الصحيحين وفي السنن عنه من طرق كثيرة الإكتفاء بطواف واحد وقال البيهقي أن ثبتت الرواية أنه طاف طوافين فيحمل على طواف القدوم وطواف الإفاضة وأما السعي مرتين فلم يثبت وقال ابن حزم لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه في ذلك شئ أصلا (قلت) لكن روى الطحاوي وغيره مرفوعا (1) عن علي وابن مسعود ذلك بأسانيد لا بأس بها إذا اجتمعت ولم أر في الباب أصح من حديثي ابن عمر وعائشة المذكورين في هذا الباب وقد أجاب الطحاوي عن حديث ابن عمر بأنه اختلف عليه في كيفية إحرام النبي صلى الله عليه وسلم وأن الذي يظهر من مجموع الروايات عنه أنه صلى الله عليه وسلم أحرم أولا بحجة ثم فسخها فصيرها عمرة ثم تمتع بها إلى الحج كذا قال الطحاوي مع جزمه قبل ذلك بأنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا وهب أن ذلك كما قال فلم لا يكون قول ابن عمر هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أمر من كان قارنا أن يقتصر على طواف واحد وحديث ابن عمر المذكور ناطق بأنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا فإنه مع قوله فيه تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف فعل القران حيث قال بدأ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج وهذا من صور القران وغايته أنه سماه تمتعا لأن الإحرام عنده بالعمرة في أشهر الحج كيف كان يسمى تمتعا ثم أجاب عن حديث عائشة بأنها أرادت بقولها وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا لهما طوافا
(٣٩٥)