وليس ذلك بلازم لاحتمال أن يكون الوقت الذي أراد منها ما أراد سابقا على الوقت الذي رآها فيه على باب خبائها الذي هو وقت الرحيل بل ولو اتحد الوقت لم يكن ذلك مانعا من الإرادة المذكورة (قوله عقري حلقي) بالفتح فيهما ثم السكون وبالقصر بغير تنوين في الرواية ويجوز في اللغة التنوين وصوبه أبو عبيد لأن معناه الدعاء بالعقر والحلق كما يقال سقيا ورعيا ونحو ذلك من المصادر التي يدعى بها وعلى الأول هو نعت لا دعاء ثم معنى عقري عقرها الله أي جرحها وقيل جعلها عاقرا لا تلد وقيل عقر قومها ومعنى حلقي حلق شعرها وهو زينة المرأة أو أصابها وجع في حلقها أو حلق قومها بشؤمها أي أهلكهم وحكى القرطبي أنها كلمة تقولها اليهود للحائض فهذا أصل هاتين الكلمتين ثم اتسع العرب في قولهما بغير إرادة حقيقتهما كما قالوا قاتله الله وتربت يداه ونحو ذلك قال القرطبي وغيره شتان بين قوله صلى الله عليه وسلم هذا لصفية وبين قوله لعائشة لما حاضت معه في الحج هذا شئ كتبه الله على بنات آدم لما يشعر به من الميل لها والحنو عليها بخلاف صفية (قلت) وليس فيه دليل على اتضاع قدر صفية عنده لكن اختلف الكلام باختلاف المقام فعائشة دخل عليها وهي تبكي أسفا على ما فاتها من النسك فسلاها بذلك وصفية أراد منها ما يريد الرجل من أهله فأبدت المانع فناسب كل منهما ما خاطبها به في تلك الحالة (قوله فلا بأس انفري) هو بيان لقوله في الرواية الماضية أول الباب فلا إذا وفي رواية أبي سلمة قال اخرجوا وفي رواية عمرة قال اخرجي وفي رواية الزهري عن عروة عن عائشة في المغازي فلتنفر ومعانيها متقاربة والمراد بها كلها الرحيل من منى إلى جهة المدينة وفي أحاديث الباب أن طواف الإفاضة ركن وأن الطهارة شرط لصحة الطواف وأن طواف الوداع واجب وقد تقدم ذلك واستدل به على أن أمير الحاج يلزمه أن يؤخر الرحيل لأجل من تحيض ممن لم تطف للإفاضة وتعقب باحتمال أن تكون إرادته صلى الله عليه وسلم تأخير الرحيل إكراما لصفية كما احتبس بالناس على عقد عائشة وأما الحديث الذي أخرجه البزار من حديث جابر وأخرجه البيهقي في فوائده من طريق أبي هريرة مرفوعا أميران وليسا بأميرين من تبع جنازة فليس له أن ينصرف حتى تدفن أو يأذن أهلها والمرأة تحج أو تعتمر مع قوم فتحيض قبل طواف الركن فليس لهم أن ينصرفوا حتى تطهر أو تأذن لهم فلا دلالة فيه على الوجوب إن كان صحيحا فإن في إسناد كل منهما ضعفا شديدا وقد ذكر مالك في الموطأ أنه يلزم الجمال أن يحبس لها إلى انقضاء أكثر مدة الحيض وكذا على النفساء واستشكله بن المواز بأن فيها تعريضا للفساد كقطع الطريق وأجاب عياض بأن محل ذلك مع أمن الطريق كما أن محله أن يكون مع المرأة محرم (قوله وقال مسدد قلت لا وتابعه جرير عن منصور في قوله لا) هذا التعليق لم يقع في رواية أبي ذر وثبت لغيره فأما رواية مسدد فرويناها كذلك في مسنده رواية أبي خليفة عنه قال حدثنا أبو عوانة فذكر الحديث بسنده ومتنه وقال فيه ما كنت طفت ليالي قدمنا قلت لا وأما رواية جرير فوصلها المصنف في باب التمتع والقرآن عن عثمان بن أبي شيبة عنه وقال فيه ما كنت طفت ليالي قدمنا مكة قلت لا وهذا يؤيد صحة ما وقع في رواية المستملي حيث وقع عنده بلى موضع لا كما تقدم وتقدم توجيهه (قوله باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح) أي البطحاء التي بين مكة ومنى وهي ما انبطح من الوادي واتسع وهي التي يقال لها المحصب والمعرس
(٤٧٠)