ثبت مثله من حديث أنس مرفوعا و قد تقدم الكلام على فوائد الحديث في الباب الذي أشرت إليه قبل و فيما بعده قال ابن بطال و روى عن مالك كراهة النفخ في الصلاة و لا يقطعها كما يقطعها الكلام و هو قول أبي يوسف و أشهب و أحمد و إسحق و في المدونة النفخ بمنزلة الكلام يقطع الصلاة و عن أبي حنيفة و محمد أن كان يسمع فهو بمنزلة الكلام و إلا فلا قال و القول الأول أولى و ليس في النفخ من النطق بالهمزة و الفاء أكثر مما في البصاق من النطق بالتاء و الفاء قال و قد اتفقوا على جواز البصاق في الصلاة فدل على جواز النفخ فيها إذ لا فرق بينهما و لذلك ذكره البخاري معه في الترجمة انتهى كلامه و لم يذكر قول الشافعية في ذلك و المصحح عندهم أنه أن ظهر من النفخ أو التنخم أو البكاء أو الأنين أو التأوه أو التنفس أو الضحك أو التنحنح حرفان بطلت الصلاة و إلا فلا قال ابن دقيق العيد و لقائل أن يقول لا يلزم من كون الحرفين يتألف منهما الكلام أن يكون كل حرفين كلاما و أن لم يكن كذلك فالابطال به لا يكون بالنص بل بالقياس فليراع شرطه في مساواة الفرع للأصل قال و الأقرب أن ينظر إلى مواقع الإجماع و الخلاف حيث لا يسمى الملفوظ به كلاما فما أجمع على الحاقه بالكلام الحق به وما لا فلا قال و من ضعيف التعليل قولهم إبطال الصلاة بالنفخ بأنه يشبه الكلام فإنه مردود لثبوت السنة الصحيحة أنه صلى الله عليه و سلم نفخ في الكسوف انتهى و أجيب بان نفخه صلى الله عليه و سلم محمول على أنه لم يظهر منه شئ من الحروف ورد بما ثبت في أبي داود و في حديث عبد الله بن عمرو فإن فيه ثم نفخ في آخر سجوده فقال أف أف فصرح بظهور الحرفين و في الحديث أيضا أنه صلى الله عليه و سلم قال و عرضت علي النار فجعلت انفخ خشية أن يغشاكم حرها و النفخ لهذا الغرض لا يقع الا بالقصد إليه فانتفى قول من حمله على الغلبة و الزيادة المذكورة من رواية حماد بن سلمة عن عطاء و قد سمع منه قبل الاختلاط في قول يحيى بن معين و أبي داود و الطحاوي و غيرهم و أجاب الخطابي بان أف لا تكون كلاما حتى يشدد الفاء قال و النافخ في نفخة لا يخرج ألفا صادقة من مخرجها و تعقبه ابن الصلاح بأنه لا يستقيم على قول الشافعية أن الحرفين كلام مبطل أفهما أو لم يفهما و أشار البيهقي إلى أن ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه و سلم ورد بان الخصائص لا تثبت الا بدليل * (تنبيهان) * الأول نقل ابن المنذر الإجماع على أن الضحك يبطل الصلاة و لم يقيده بحرف و لا حرفين و كأن الفرق بين الضحك و البكاء أن الضحك يهتك حرمة الصلاة بخلاف البكاء و نحوه و من ثم قال الحنفية و غيرهم أن كان البكاء من أجل الخوف من الله تعالى لا تبطل به الصلاة مطلقا (الثاني) ورد في كراهة النفخ في الصلاة حديث مرفوع أخرجه الترمذي من حديث أم سلمة قالت رأى النبي صلى الله عليه و سلم غلاما لنا يقال له أفلح إذا سجد نفخ فقال يا أفلح ترب وجهك رواه الترمذي و قال ضعيف الإسناد (قلت) و لو صح لم يكن فيه حجة على إبطال الصلاة بالنفخ لأنه لم يأمره بإعادة الصلاة و إنما استفاد من قوله ترب وجهك استحباب السجود على الأرض فهو نحو النهي عن مسح الحصي و في الباب عن أبي هريرة في الأوسط للطبراني و عن زيد بن ثابت عند البيهقي و عن أنس و بريدة عند البزار و أسانيد الجميع ضعيفة جدا و ثبت كراهة النفخ عن ابن عباس كما رواه ابن أبي شيبة و الرخصة فيه عن قدامة بن عبد الله أخرجه البيهقي (قوله باب من صفق جاهلا من الرجال في صلاته لم تفسد صلاته) فيه سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه و سلم يشير بذلك إلى حديثه الآتي
(٦٨)