بقوله في هذا بمثله إلا نفسه وهو كما لو ساق المتن بإسناد ثم عقبه بإسناد آخر ولم يعد المتن بل قال بمثله ولا نزاع بين أهل الحديث في الحكم بوصل مثل هذا وكذا عند أكثرهم لو قال بمعناه خلافا لمن يمنع الرواية بالمعنى وقد أخرج الحديث المذكور الإسماعيلي عن ابن ناجية عن محمد بن المثنى وغيره عن عثمان بن عمر وقال في آخره قال الزهري سمعت سالما يحدث بهذا عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فعرف أن المراد بقوله مثله نفسه وإذا تكلم المرء في غير فنه أتى بهذه العجائب وفي الحديث مشروعية التكبير عند رمي كل حصاة وقد أجمعوا على أن من تركه لا يلزمه شئ إلا الثوري فقال يطعم وإن جبره بدم أحب إلي وعلى الرمي بسبع وقد تقدم ما فيه وعلى استقبال القبلة بعد الرمي والقيام طويلا وقد وقع تفسيره فيما رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن عطاء كان ابن عمر يقوم عند الجمرتين مقدار ما يقرأ سورة البقرة وفيه التباعد من موضع الرمي عند القيام للدعاء حتى لا يصيب رمي غيره وفيه مشروعية رفع اليدين في الدعاء وترك الدعاء والقيام عند جمرة العقبة ولم يذكر المصنف حال الرامي في المشي والركوب وقد روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح إن ابن عمر كان يمشي إلى الجمار مقبلا ومدبرا وعن جابر أنه كان لا يركب إلا من ضرورة (قوله باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة) أورد فيه حديث عائشة طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي حين أحرم ولحله حين أحل قبل أن يطوف الحديث ومطابقته للترجمة من جهة أنه صلى الله عليه وسلم لما أفاض من مزدلفة لم تكن عائشة مسايرته وقد ثبت أنه استمر راكبا إلى أن رمى جمرة العقبة فدل ذلك على أن تطييبها له وقع بعد الرمي وأما الحلق قبل الإفاضة فلأنه صلى الله عليه وسلم حلق رأسه بمنى لما رجع من الرمي وأخذه من حديث الباب من جهة التطيب فإنه لا يقع إلا بعد التحلل والتحلل الأول يقع بأمرين من ثلاثة الرمي والحلق والطواف فلولا أنه حلق بعد أن رمى لم يتطيب وفي هذا الحديث حجة لمن أجاز الطيب وغيره من محظورات الإحرام بعد التحلل الأول ومنعه مالك وروى عن عمر وابن عمر وغيرهما وقد تقدم الكلام على حديث الباب مستوفي في باب الطيب عند الإحرام وأحلت على هذا السياق هناك * (تنبيه) * قوله حين أحرم أي حين أراد الإحرام وقوله حين أحل أي لما وقع الإحلال وإنما كان كذلك لأن الطيب بعد وقوع الإحرام لا يجوز والطيب عند إرادة الحل لا يجوز لأن المحرم ممنوع من الطيب والله أعلم (قوله باب طواف الوداع) قال النووي طواف الوداع واجب يلزم بتركه دم على الصحيح عندنا وهو قول أكثر العلماء وقال مالك وداود وابن المنذر هو سنة لا شئ في تركه انتهى والذي رأيته في الأوسط لابن المنذر أنه واجب للأمر به إلا أنه لا يجب بتركه شئ (قوله أمر الناس) كذا في رواية عبد الله بن طاوس عن أبيه على البناء لما لم يسم فاعله والمراد به النبي صلى الله عليه وسلم وكذا قوله خفف وقد رواه سفيان أيضا عن سليمان الأحول عن طاوس فصرح فيه بالرفع ولفظه عن ابن عباس قال كان الناس ينصرفون في كل وجه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت أخرجه مسلم هو والذي قبله عن سعيد بن منصور عن سفيان بالاسنادين فرقهما فكأن طاوسا حدث به على الوجهين ولهذا وقع في رواية كل من الراويين عنه ما لم يقع في رواية الآخر وفيه دليل على وجوب طواف الوداع للأمر المؤكد به وللتعبير في حق الحائض بالتخفيف كما تقدم والتخفيف لا يكون إلا من أمر
(٤٦٦)