كرهوا ذلك) في رواية ابن عيينة فكأنهم تأثموا أي خشوا من الوقوع في الإثم للاشتغال في أيام النسك بغير العبادة وأخرج الحاكم في المستدرك من طريق عطاء عن عبيد بن عمير عن ابن عباس أن الناس في أول الحج كانوا يتبايعون بمنى وعرفة وسوق ذي المجاز ومواسم الحج فخافوا البيع وهم حرم فأنزل الله تعالى لا جناح عليكم أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج قال فحدثني عبيد بن عمير أنه كان يقرأها في المصحف ولأبي داود وإسحق بن راهويه من طريق مجاهد عن ابن عباس كانوا لا يتجرون بمنى فأمروا بالتجارة إذا أفاضوا من عرفات وقرأ هذه الآية وأخرجه إسحق في مسنده من هذا الوجه بلفظ كانوا يمنعون البيع والتجارة في أيام الموسم يقولون أنها أيام ذكر فنزلت وله من وجه آخر عن مجاهد عن ابن عباس كانوا يكرهون أن يدخلوا في حجهم التجارة حتى نزلت (قوله حتى نزلت الخ) سيأتي في تفسير البقرة عن ابن عمر قول آخر في سبب نزولها (قوله في مواسم الحج) قال الكرماني هو كلام الراوي ذكره تفسيرا انتهى وفاته ما زاده المصنف في آخر حديث ابن عيينة في البيوع قرأها ابن عباس ورواه ابن عمر في مسنده عن ابن عيينة وقال في آخره وكذلك كان ابن عباس يقرأها وروى الطبري بإسناد صحيح عن أيوب عن عكرمة أنه كان يقرأها كذلك فهي على هذا من القراءة الشاذة وحكمها عند الأئمة حكم التفسير واستدل بهذا الحديث على جواز البيع والشراء للمعتكف قياسا على الحج والجامع بينهما العبادة وهو قول الجمهور وعن مالك كراهة ما زاد على الحاجة كالخبز إذا لم يجد من يكفيه وكذا كرهه عطاء ومجاهد والزهري ولا ريب أنه خلاف الأولى والآية إنما نفت الجناح ولا يلزم من نفيه نفي أولوية مقابله والله أعلم (قوله باب الإدلاج من المحصب) وقع في رواية لأبي ذر الإدلاج بسكون الدال والصواب تشديدها فإنه بالسكون سير أول الليل وبالتشديد سير آخره وهو المراد هنا والمقصود الرحيل من مكان المبيت بالمحصب سحرا وهو الواقع في قصة عائشة ويحتمل أن تكون الترجمة لأجل رحيل عائشة مع أخيها للاعتمار فإنها رحلت معه من أول الليل فقصد المصنف التنبيه على أن المبيت ليس بلازم وأن السير من هناك من أول الليل جائز وسيأتي الكلام على حديث عائشة قريبا في أبواب العمرة (قوله حدثنا أبي) هو حفص بن غياث والإسناد كله إلى عائشة كوفيون وليس في المتن الذي ساقه من طريق حفص مقصود الترجمة وإنما أشار إلى أن القصة التي في روايته وفي رواية محاضر واحدة وقد تقدم الكلام على قصة صفية قريبا (قوله وزادني محمد) وقع في رواية أبي علي بن السكن محمد بن سلام ومحاضر بضم الميم وحاء مهملة خفيفة وبعد الألف ضاد معجمة لم يخرج عنه البخاري في كتابه إلا تعليقا لكن هذا الموضع ظاهره الوصل ويأتي الكلام على حديث عائشة مستوفى إن شاء الله تعالى وقوله فيه فخرج معها أخوها هو عبد الرحمن بن أبي بكر كما سيأتي وقوله فيه فلقيناه أي أنهما لقيا النبي صلى الله عليه وسلم (مدلجا) هو بتشديد الدال أي سائرا من آخر الليل فإنهما لما رجعا إلى المنزل بعد أن قضت عائشة العمرة صادفا النبي صلى الله عليه وسلم متوجها إلى طواف الوداع وقوله موعدك كذا وكذا أي موضع المنزلة كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى * (خاتمة) * اشتمل كتاب الحج من أوله إلى أبواب العمرة على ثلاثمائة واثني عشر حديثا المعلق منها سبعة وخمسون حديثا والبقية موصولة المكرر منها فيه وفيما مضى مائة وأحد وتسعون حديثا
(٤٧٤)