وجابر عند ابن عدي بأسانيد ضعيفة (قوله السفر قطعة من العذاب) أي جزء منه والمراد بالعذاب الألم الناشئ عن المشقة لما يحصل في الركوب والمشي من ترك المألوف (قوله يمنع أحدكم كأنه) فصله عما قبله بيانا لذلك بطريق الاستئناف كالجواب لمن قال لم كان كذلك فقال يمنع أحدكم نومه الخ أي وجه التشبيه الاشتمال على المشقة وقد ورد التعليل في رواية سعيد المقبري ولفظه السفر قطعة من العذاب لأن الرجل يشتغل فيه عن صلاته وصيامه فذكر الحديث والمراد بالمنع في الأشياء المذكورة منع كمالها لا أصلها وقد وقع عند الطبراني بلفظ لا يهنأ أحدكم بنومه ولا طعامه ولا شرابه وفي حديث ابن عمر عند ابن عدي وأنه ليس له دواء إلا سرعة السير (قوله نهمته) بفتح النون وسكون الهاء أي حاجته من وجهه أي من مقصده وبيانه في حديث ابن عباس عند ابن عدي بلفظ إذا قضى أحدكم وطره من سفره وفي رواية رواد بن الجراح فإذا فرغ أحدكم من حاجته (قوله فليعجل إلى أهله) في رواية عتيق وسعيد المقبري فليعجل الرجوع إلى أهله وفي رواية أبي مصعب فليعجل الكرة إلى أهله وفي حديث عائشة فليعجل الرحلة إلى أهله فإنه أعظم لأجره قال ابن عبد البر زاد فيه بعض الضعفاء عن مالك وليتخذ لأهله هدية وإن لم يجد إلا حجرا يعني حجر الزناد قال وهي زيادة منكرة وفي الحديث كراهة التغرب عن الأهل لغير حاجة واستحباب استعجال الرجوع ولا سيما من يخشى عليهم الضيعة بالغيبة ولما في الإقامة في الأهل من الراحة المعينة على صلاح الدين والدنيا ولما في الإقامة من تحصيل الجماعات والقوة على والعبادة قال ابن بطال ولا تعارض بين هذا الحديث وحديث ابن عمر مرفوعا سافروا تصحوا فإنه لا يلزم من الصحة بالسفر لما فيه من الرياضة أن لا يكون قطعة من العذاب لما فيه من المشقة فصار كالدواء المر المعقب للصحة وإن كان في تناوله الكراهة واستنبط منه الخطابي تغريب الزاني لأنه قد أمر بتعذيبه والسفر من جملة العذاب ولا يخفى ما فيه * (لطيفة) * سئل إمام الحرمين حين جلس موضع أبيه لم كان السفر قطعة من العذاب فأجاب على الفور لأن فيه فراق الأحباب (قوله باب المسافر إذا جد به السير ويعجل إلى أهله) أي ماذا يصنع كذا ثبتت الواو في رواية الكشميهني وهي رواية النسفي أيضا وأورد المصنف فيه قصة ابن عمر حين بلغه عن صفية شدة الوجع فأسرع السير وقد تقدم الكلام عليه في أبواب تقصير الصلاة وسيأتي من هذا الوجه في أبواب الجهاد وبالله التوفيق * (خاتمة) * اشتملت أبواب العمرة وما في آخرها من آداب الرجوع من السفر من الأحاديث المرفوعة على أربعين حديثا المعلق منها أربعة والبقية موصولة المكرر منها فيها وفيما مضى أحد وعشرون حديثا وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث ابن عمر في الاعتمار قبل الحج وحديث البراء فيه وحديث عائشة العمرة على قدر النصب وحديث ابن عباس في إرداف اثنين وفيه من الموقوفات خمسة آثار منها ثلاثة موصولة في ضمن حديث البراء والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب * (تم الجزء الثالث و يليه الجزء الرابع أوله أبواب المحصر و جزاء الصيد) *
(٤٩٦)