بخلاف علي قال عياض وجمهور الأئمة على أن فسخ الحج إلى العمرة كان خاصا بالصحابة انتهى وقال ابن المنير في الحاشية ظاهر كلام عمر التفريق بين ما دل عليه الكتاب ودلت عليه السنة وهذا التأويل يقتضي أنهما يرجعان إلى معنى واحد ثم أجاب بأنه لعله أراد إبطال وهم من توهم أنه خالف السنة حيث منع من الفسخ فبين أن الكتاب والسنة متوافقان على الأمر بالإتمام وأن الفسخ كان خاصا بتلك السنة لإبطال اعتقاد الجاهلية أن العمرة لا تصح في أشهر الحج انتهى وأما إذا قلنا كان قارنا على ما هو الصحيح المختار فالمعتمد ما ذكر النووي والله أعلم وسيأتي بيان اختلاف الصحابة في كيفية التمتع في باب التمتع والقران إن شاء الله تعالى واستدل به على جواز الإحرام المبهم وأن المحرم به يصرفه لما شاء وهو قول الشافعي وأصحاب الحديث ومحل ذلك ما إذا كان الوقت قابلا بناء على أن الحج لا ينعقد في غير أشهره كما سيأتي في الباب الذي يليه (قوله باب قول الله تعالى الحج أشهر معلومات إلى قوله في الحج وقوله يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) قال العلماء تقدير قوله الحج أشهر معلومات أي الحج حج أشهر معلومات أو أشهر الحج أو وقت الحج أشهر معلومات فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وقال الواحدي يمكن حمله على غير إضمار وهو أن الأشهر جعلت نفس الحج اتساعا لكون الحج يقع فيها كقولهم ليل نائم وقال الشيخ أبو إسحق في المهذب المراد وقت إحرام الحج لأن الحج لا يحتاج إلى أشهر فدل على أن المراد وقت الإحرام به وأجمع العلماء على أن المراد بأشهر الحج ثلاثة أولها شوال ولكن اختلفوا هل هي ثلاثة بكاملها وهو قول مالك ونقل عن الإملاء للشافعي أو شهران وبعض الثالث وهو قول الباقين ثم اختلفوا فقال ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وآخرون عشر ليال من ذي الحجة وهل يدخل يوم النحر أو لا قال أبو حنيفة وأحمد نعم وقال الشافعي في المشهور المصحح عنه لا وقال بعض أتباعه تسع من ذي الحجة ولا يصح في يوم النحر ولا في ليلته وهو شاذ واختلف العلماء أيضا في إعتبار هذه الأشهر هل هو على الشرط أو الاستحباب فقال ابن عمر وابن عباس وجابر وغيرهم من الصحابة والتابعين هو شرط فلا يصح الإحرام بالحج إلا فيها وهو قول الشافعي وسيأتي استدلال ابن عباس لذلك في هذا الباب واستدل بعضهم بالقياس على الوقوف وبالقياس على إحرام الصلاة وليس بواضح لأن الصحيح عند الشافعية أن من أحرم بالحج في غير أشهره انقلب عمرة تجزئه عن عمرة الفرض وأما الصلاة فلو أحرم قبل الوقت انقلب نفلا بشرط أن يكون ظانا دخول الوقت لا عالما فاختلفا من وجهين (قوله وقال ابن عمر رضي الله عنهما أشهر الحج إلخ) وصله الطبري والدارقطني من طريق ورقاء عن عبد الله بن دينار عنه قال الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وروى البيهقي من طريق عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مثله والاسنادان صحيحان وأما ما رواه مالك في الموطأ عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال من اعتمر في أشهر الحج شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة قبل الحج فقد استمتع فلعله تجوز في إطلاق ذي الحجة جمعا بين الروايتين والله أعلم (قوله وقال ابن عباس إلخ) وصله ابن خزيمة والحاكم والدارقطني من طريق الحاكم عن مقسم عنه قال لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج فإن من سنة الحج أن يحرم بالحج في أشهر الحج ورواه ابن جرير من وجه آخر عن ابن عباس قال لا يصلح أن يحرم أحد بالحج إلا في أشهر الحج (قوله وكره عثمان رضي الله عنه أن يحرم من خراسان أو كرمان) وصله سعيد بن منصور حدثنا هشيم حدثنا
(٣٣٣)