أن يكون سبق لهم منه قول يدل على ذلك كما تقدم قال و فيه الترغيب في المصنوع بالنسبة إلى صانعه إذا كان ماهرا و يحتمل أن تكون أرادت بنسبته إليها إزالة ما يخشى من التدليس و فيه جواز استحسان الإنسان ما يراه على غيره من الملابس و غيرها أما ليعرفه قدرها و أما ليعرض له بطلبه منه حيث يسوغ له ذلك و فيه مشروعية الإنكار عند مخالفة الأدب ظاهرا و أن لم يبلغ المنكر درجة التحريم و فيه التبرك بآثار الصالحين قال ابن بطال فيه جواز اعداد الشئ قبل وقت الحاجة إليه قال و قد حفر جماعة من الصالحين قبورهم قبل الموت و تعقبه الزين بن المنير بأن ذلك لم يقع من أحد من الصحابة قال و لو كان مستحبا لكثر فيهم و قال بعض الشافعية ينبغي لمن استعد شيئا من ذلك أن يجتهد في تحصيله من جهة يثق بحلها أو من أثر من يعتقد فيه الصلاح و البركة (قوله باب أتباع النساء الجنازة) قال الزين بن المنير فصل المصنف بين هذه الترجمة و بين فضل أتباع الجنائز بتراجم كثيرة تشعر بالتفرقة بين النساء و الرجال و أن الفضل الثابت في ذلك يختص بالرجال دون النساء لأن النهي يقتضي التحريم أو الكراهة و الفضل يدل على الاستحباب و لا يجتمعان و أطلق الحكم هنا لما يتطرق إليه من الاحتمال و من ثم اختلف العلماء في ذلك و لا يخفى أن محل النزاع إنما هو حيث تؤمن المفسدة (قوله حدثنا سفيان) هو الثوري و أم الهذيل هي حفصة بنت سيرين (قوله نهينا) تقدم في الحيض من رواية هشام بن حسان عن حفصة عنها بلفظ كنا نهينا عن أتباع الجنائز و رواه يزيد بن أبي حكيم عن الثوري بإسناد هذا الباب بلفظ نهانا رسول الله صلى الله عليه و سلم أخرجه الإسماعيلي و فيه رد على من قال لا حجة في هذا الحديث لأنه لم يسم الناهي فيه لما رواه الشيخان و غيرهما أن كل ما ورد بهذه الصيغة كان مرفوعا و هو الأصح عند غيرهما من المحدثين و يؤيد رواية الإسماعيلي ما رواه الطبراني من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن بن عطية عن جدته أم عطية قالت لما دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة جمع النساء في بيت ثم بعث إلينا عمر فقال إني رسول رسول الله إليكن بعثني إليكن لأبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا الحديث و في آخره و أمرنا أن نخرج في العيد العواتق و نهانا أن نخرج في جنازة و هذا يدل على أن رواية أم عطية الأولى من مرسل الصحابة (قوله و لم يعزم علينا) أي و لم يؤكد علينا في المنع كما أكد علينا في غيره من المنهيات فكأنها قالت كره لنا أتباع الجنائز من غير تحريم و قال القرطبي ظاهر سياق أم عطيه أن النهي نهي تنزيه و به قال جمهور أهل العلم و مال مالك إلى الجواز و هو قول أهل المدينة و يدل على الجواز ما رواه ابن أبي شيبة من طريق محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان في جنازة فرأى عمر امرأة فصاح بها فقال دعها يا عمر الحديث و أخرجه ابن ماجة و النسائي من هذا الوجه و من طريق أخرى عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سلمة بن الأزرق عن أبي هريرة و رجاله ثقات و قال المهلب في حديث أم عطية دلالة على أن النهي من الشارع على درجات و قال الداودي قولها نهينا عن أتباع الجنائز أي إلى أن نصل إلى القبور و قوله و لم يعزم علينا أي أن لا نأتي أهل الميت فنعزيهم و نترحم على ميتهم من غير أن نتبع جنازته انتهى و في أخذ هذا التفصيل من هذا السياق نظر نعم هو في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه و سلم رأى فاطمة مقبلة فقال من أين جئت فقالت رحمت على أهل هذا
(١١٥)