فكانت سودة أسرعهن به لحوقا وكانت أطولهن يدا وكأن ذلك من كثرة الصدقة وهذا السياق لا يحتمل التأويل إلا أنه محمول على ما تقدم ذكره من دخول الوهم على الراوي في التسمية خاصة والله أعلم وفي الحديث علم من أعلام النبوة ظاهر وفيه جواز إطلاق اللفظ المشترك بين الحقيقة والمجاز بغير قرينة وهو لفظ أطولكن إذا لم يكن محذور قال الزين بن المنير لما كان السؤال عن آجال مقدرة لا تعلم إلا بالوحي أجابهن بلفظ غير صريح وأحالهن على ما لا يتبين إلا بآخر ه وساغ ذلك لكونه ليس في الأحكام التكليفية وفيه أن من حمل الكلام على ظاهره وحقيقته لم يلم وإن كان مراد المتكلم مجازه لأن نسوة النبي صلى الله عليه وسلم حملن طول اليد على الحقيقة فلم ينكر عليهن وأما ما رواه الطبراني في الأوسط من طريق يزيد ابن الأصم عن ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهن ليس ذلك أعني إنما أعني أصنعكن يدا فهو ضعيف جدا ولو كان ثابتا لم يحتجن بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذرع أيديهن كما تقدم في رواية عمرة عن عائشة وقال المهلب في الحديث دلالة على أن الحكم للمعاني لا للألفاظ لأن النسوة فهمن من طول اليد الجارحة وإنما المراد بالطول كثرة الصدقة وما قاله لا يمكن إطراده في جميع الأحوال والله أعلم (قوله باب الآية صدقة العلانية وقوله عز وجل الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية إلى قوله ولا هم يحزنون) سقطت هذه الترجمة للمستملي وثبتت للباقين وبه جزم الإسماعيلي ولم يثبت فيها لمن ثبتها حديث وكأنه أشار إلى أنه لم يصح فيها على شرطه شئ وقد أختلف في سبب نزول الآية المذكورة فعند عبد الرزاق بإسناد فيه ضعف إلى ابن عباس أنها نزلت في علي بن أبي طالب كان عنده أربعة دراهم فأنفق بالليل واحدا وبالنهار واحدا وفي السر واحدا وفي العلانية واحدا وذكره الكلبي في تفسيره عن أبي صالح عن ابن عباس أيضا وزاد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أما إن ذلك لك وقيل نزلت في أصحاب الخيل الذين يربطونها في سبيل الله أخرجه ابن أبي حاتم في حديث أبي أمامة وعن قتادة وغيره نزلت في قوم أنفقوا في سبيل الله من غير إسراف ولا تقتير ذكره الطبري وغيره وقال الماوردي يحتمل أن يكون في إباحة الارتفاق بالزروع والثمار لأنه يرتفق بها كل مار في ليل أو نهار في سر وعلانية وكانت أعم (قوله باب صدقة السر وقال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه وقوله تعالى إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تؤتوها الفقراء فهو خير لكم الآية وإذا تصدق على غني وهو لا يعلم ثم ساق حديث أبي هريرة في قصة الذي خرج بصدقته فوضعها في يد سارق ثم زانية ثم غني كذا وقع في رواية أبي ذر ووقع في رواية غيره باب إذا تصدق على غني وهو لا يعلم وكذا هو عند الإسماعيلي ثم ساق الحديث ومناسبته ظاهرة ويكون قد اقتصر في ترجمة صدقة السر على الحديث المعلق وعلى الآية وعلى ما في رواية أبي ذر فيحتاج إلى مناسبة بين ترجمة صدقة السر وحديث المتصدق ووجهها أن الصدقة المذكورة وقعت بالليل لقوله في الحديث فأصبحوا يتحدثون بل وقع في صحيح مسلم التصريح بذلك لقوله فيه لأتصدقن الليلة كما سيأتي فدل على أن صدقته كانت سرا إذ لو كانت بالجهر نهارا لما خفي عنه حال الغني لأنها في الغالب لا تخفى بخلاف الزانية والسارق ولذلك خص الغني بالترجمة دونهما وحديث أبي هريرة المعلق طرف من حديث سيأتي بعد باب بتمامه وقد تقدم
(٢٢٩)