بذلك و أما قول ابن رشيد أن المكفوف الأطراف لا أثر له فغير مسلم بل المتبادر إلى الذهن أنه مراد البخاري كما فهمه ابن التين و المعنى أن التكفين في القميص ليس ممتنعا سواء كان مكفوف الأطراف أو غير مكفوف أو المراد بالكف تزريره دفعا لقول من يدعي أن القميص لا يسوغ الا إذا كانت أطرافه غير مكفوفة أو كان غير مزرر ليشبه الرداء و أشار بذلك إلى الرد على من خالف في ذلك و إلى أن التكفين في غير قميص مستحب ولا يكره التكفين في القميص و في الخلافيات للبيهقي من طريق ابن عون قال كان محمد بن سيرين يستحب أن يكون قميص الميت كقميص الحي مكففا مزررا و سيأتي الكلام على حديث عبد الله بن عمر في قصة عبد الله بن أبي في تفسير براءة أن شاء الله تعالى و نذكر فيه جواب الاشكال الواقع في قول عمر أليس الله قد نهاك أن تصلي على المنافقين مع أن نزول قوله تعالى و لا تصل على أحد منهم مات أبدا كان بعد ذلك كما سيأتي في سياق حديث الباب حيث قال فنزلت و لا تصل و محصل الجواب أن عمر فهم من قوله فلن يغفر الله لهم منع الصلاة عليهم فأخبره النبي صلى الله عليه و سلم أن لا منع و أن الرجاء لم ينقطع بعد ثم أن ظاهر قوله في حديث جابر أتى النبي صلى الله عليه و سلم عبد الله بن أبي بعد ما دفن فأخرجه فنفث فيه من ريقه و ألبسه قميصه مخالف لقوله في حديث ابن عمر لما مات عبد الله بن أبي جاء ابنه فقال يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه فأعطاه قميصه و قال آذني أصلي عليه فآذنه فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر الحديث و قد جمع بينهما بأن معنى قوله في حديث ابن عمر فأعطاه أي أنعم له بذلك فأطلق على العدة اسم العطية مجازا لتحقق وقوعها و كذا قوله في حديث جابر بعد ما دفن عبد الله ابن أبي أي دلى في حفرته و كان أهل عبد الله بن أبي خشوا على النبي صلى الله عليه و سلم المشقة في حضوره فبادروا إلى تجهيزه قبل وصول النبي صلى الله عليه و سلم فلما وصل وجدهم قد دلوه في حفرته فأمر بإخراجه انجازا لوعده في تكفينه في القميص و الصلاة عليه و الله أعلم و قيل أعطاه صلى الله عليه و سلم أحد قميصيه أو لا ثم لما حضر أعطاه الثاني بسؤال ولده و في الإكليل للحاكم ما يؤيد ذلك و قيل ليس في حديث جابر دلالة على أنه ألبسه قميصه بعد إخراجه من القبر لأن لفضه فوضعه على ركبتيه و ألبسه قميصه و الواو لا ترتب فلعله أراد أن نذكر ما وقع في الجملة من إكرامه له من غير إرادة ترتيب و سيأتي في الجهاد ذكر السبب في إعطاء النبي صلى الله عليه و سلم قميصه لعبد الله بن أبي و بقية القصة في التفسير و أن اسم ابنه المذكور عبد الله كاسم أبيه أن شاء الله تعالى و استنبط منه الإسماعيلي جواز طلب آثار أهل الخير منهم للتبرك بها و أن كان السائل غنيا (قوله باب الكفن بغير قميص) ثبتت هذه الترجمة للأكثر و سقطت للمستملي و لكنه ضمنها الترجمة التي قبلها فقال بعد قوله أو لا يكف و من كفن بغير قميص و الخلاف في هذه المسألة بين الحنفية و غيرهم في الاستحباب و عدمه و الثاني عن الجمهور و عن بعض الحنفية يستحب القميص دون العمامة و أجاب بعض من خالف بأن قولها ليس فيها قميص و لا عمامة يحتمل نفي وجودهما جملة و يحتمل أن يكون المراد نفي المعدود أي الثلاثة خارجة عن القميص و العمامة و الأول أظهر و قال بعض الحنفية معناه ليس فيها قميص أي جديد و قيل لبس فيها القميص الذي غسل فيه أوليس فيها قميص مكفوف الأطراف (قوله حدثنا سفيان) هو الثوري (قوله سحول) بضم المهملتين وآخره لام أي بيض و هو جمع سحل و هو الثوب
(١١١)