فلا يزال يتبعه حتى يلقمه يده فيمضغها ثم يتبعه سائر جسده ولمسلم في حديث جابر يتبع صاحبه حيث ذهب وهو يفر منه فإذا رأى أنه لا بد منه أدخل يده في فيه فجعل يقضمها كما يقضم الفحل وللطبراني في حديث ابن مسعود ينقر رأسه وظاهر الحديث أن الله يصير نفس المال بهذه الصفة وفي حديث جابر عند مسلم إلا مثل له كما هنا قال القرطبي أي صور أو نصب وأقيم من قولهم مثل قائما أي منتصبا (قوله ثم تلا ولا يحسبن الذين يبخلون الآية) في حديث ابن مسعود عند الشافعي والحميدي ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الآية ونحوه في رواية الترمذي قرأ مصداقه سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة وفي هذين الحديثين تقوية لقول من قال المراد بالتطويق في الآية الحقيقة خلافا لمن قال إن معناه سيطوقون الإثم وفي تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم الآية دلالة على أنها نزلت في مانعي الزكاة وهو قول أكثر أهل العلم بالتفسير وقيل أنها نزلت في اليهود الذين كتموا صفة النبي صلى الله عليه وسلم وقيل نزلت فيمن له قرابة لا يصلهم قاله مسروق (قوله باب ما أدى زكاته فليس بكنز لقول النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمس أواق صدقة) قال ابن بطال وغيره وجه استدلال البخاري بهذا الحديث للترجمة أن الكنز المنفي هو المتوعد عليه الموجب لصاحبه النار لا مطلق الكنز الذي هو أعم من ذلك وإذا تقرر ذلك فحديث لا صدقة فيما دون خمس أواق مفهومه أن ما زاد على الخمس ففيه الصدقة ومقتضاه أن كل مال أخرجت منه صدقة فلا وعيد على صاحبه فلا يسمى ما يفضل بعد إخراجه الصدقة كنزا وقال ابن رشيد وجه التمسك به أن ما دون الخمس وهو الذي لا تجب فيه الزكاة قد عفى عن الحق فيه فليس بكنز قطعا والله قد أثنى على فاعل الزكاة ومن أثني عليه في واجب حق المال لم يلحقه ذم من جهة ما أثنى عليه فيه وهو المال انتهى ويتلخص أن يقال ما لم تجب فيه الصدقة لا يسمى كنزا لأنه معفو عنه فليكن ما أخرجت منه الزكاة كذلك لأنه عفي عنه بإخراج ما وجب منه فلا يسمى كنزا ثم إن لفظ الترجمة لفظ حديث روي مرفوعا وموقوفا عن ابن عمر أخرجه مالك عن عبد الله بن دينار عنه موقوفا وكذا أخرجه الشافعي عنه ووصله البيهقي والطبراني من طريق الثوري عن عبد الله بن دينار وقال إنه ليس بمحظوظ وأخرجه البيهقي أيضا من رواية عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر بلفظ كل ما أديت زكاته وأن كان تحت سبع أرضين فليس بكنز وكل ما لا تؤدى زكاته فهو كنز وأن كان ظاهرا على وجه الأرض أورده مرفوعا ثم قال ليس بمحظوظ والمشهور وقفه وهذا يؤيد ما تقدم من أن المراد بالكنز معناه الشرعي وفي الباب عن جابر أخرجه الحاكم بلفظ إذا أديت زكاة مالك فقد أذهبت عنك شره ورجح أبي زرعة والبيهقي وغيرهما وقفه كما عند البزار وعن أبي هريرة أخرجه الترمذي بلفظ إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك وقال حسن غريب وصححه الحاكم وهو على شرط ابن حبان وعن أم سلمة عند الحاكم وصححه ابن القطان أيضا وأخرجه أبو داود وقال ابن عبد البر في سنده مقال وذكر شيخنا في شرح الترمذي أن سنده جيد وعن ابن عباس أخرجه ابن أبي شيبة موقوفا بلفظ الترجمة وأخرجه أبو داود مرفوعا بلفظ أن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم وفيه قصة قال ابن عبد البر والجمهور على أن الكنز المذموم ما لم تؤد زكاته ويشهد له حديث أبي هريرة مرفوعا إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك فذكر بعض ما تقدم من الطرق ثم قال ولم يخالف في ذلك
(٢١٥)