للعلم به وأوردها بلفظ العموم وإن كان الخبر ورد في الإعطاء من بيت المال لأن الصدقة للفقير في معنى العطاء للغني إذا انتفى الشرطان قال أبو داود سألت أحمد عن إشراف النفس فقال بالقلب وقال يعقوب بن محمد سألت أحمد عنه فقال هو أن يقول مع نفسه يبعث إلي فلان بكذا وقال الأثرم يضيق عليه أن يرده إذا كان كذلك (قوله فأقول أعطه من هو أفقر إليه مني) زاد في رواية شعيب عن الزهري الآتية في الأحكام حتى أعطاني مرة مالا فقلت أعطه من هو أفقر إليه مني فقال خذه فتموله وتصدق به وذكر شعيب فيه عن الزهري إسنادا آخر قال أخبرني السائب بن يزيد أن حويطب بن عبد العزى أخبره أن عبد الله بن السعدي أخبره أنه قدم على عمر في خلافته فذكر قصة فيها هذا الحديث والسائب فمن فوقه صحابة ففيه أربعة من الصحابة في نسق وقد أخرجه مسلم من رواية عمرو بن الحرث عن الزهري بالاسنادين لكن قال فيه عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر فذكره جعله من مسند ابن عمر وأخرجه مسلم أيضا من وجه آخر عن ابن السعدي عن عمر لكن قال فيه ابن الساعدي وزاد فيه إن عطية النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بسبب العمالة ولهذا قال الطحاوي ليس معنى هذا الحديث في الصدقات وإنما هو في الأموال التي يقسمها الإمام وليست هي من جهة الفقر ولكن من الحقوق فلما قال عمر أعطه من هو أفقر إليه مني لم يرض بذلك لأنه إنما أعطاه لمعنى غير الفقر قال ويؤيده قوله في رواية شعيب خذه فتموله فدل ذلك على أنه ليس من الصدقات وقال الطبري اختلفوا في قوله فخذه بعد إجماعهم على أنه أمر ندب فقيل هو ندب لكل من أعطى عطية أبى قبولها كائنا من كان وهذا هو الراجح يعني بالشرطين المتقدمين وقيل هو مخصوص بالسلطان ويؤيده حديث سمرة في السنن إلا أن يسأل ذا سلطان وكان بعضهم يقول يحرم قبول العطية من السلطان وبعضهم يقول يكره وهو محمول على ما إذا كانت العطية من السلطان الجائر والكراهة محمولة على الورع وهو المشهور من تصرف السلف والله أعلم والتحقيق في المسئلة أن من علم كون ماله حلال أفلا ترد عطيته ومن علم كون ماله حراما فتحرم عطيته ومن شك فيه فالاحتياط رده وهو الورع ومن اباحه أخذ بالأصل قال ابن المنذر واحتج من رخص فيه بأن الله تعالى قال في اليهود سماعون للكذب أكالون للسحت وقد رهن الشارع درعه عند يهودي مع علمه بذلك وكذلك أخذ الجزية منهم مع العلم بأن أكثر أموالهم من ثمن الخمر والخنزير والمعاملات الفاسدة وفي حديث الباب أن للإمام أن يعطي بعض رعيته إذا رأى لذلك وجها وإن كان غيره أحوج إليه منه وأن رد عطية الإمام ليس من الأدب ولا سيما من الرسول صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه الآية (قوله باب من سأل الناس تكثرا) أي فهو مذموم قال ابن رشيد حديث المغيرة في النهي عن كثرة السؤال الذي أورده في الباب الذي يليه أصرح في مقصود الترجمة من حديث الباب وإنما آثره عليه لأنه من عادته أن يترجم بالأخفى أو لاحتمال أن يكون المراد بالسؤال في حديث المغيرة النهي عن المسائل المشكلة كالأغلوطات أو السؤال عما لا يعني أو عما لم يقع مما يكره وقوعه قال وأشار مع ذلك إلى حديث ليس على شرطه وهو ما أخرجه الترمذي من طريق حبشي بن جنادة في أثناء حديث مرفوع وفيه ومن سأل الناس ليثرى ماله كان خموشا في وجهه يوم القيامة فمن شاء فليقل ومن شاء فليكثر انتهى وفي
(٢٦٧)