الظاء أي انتظرني (قوله فنزل) يعني ابن عمر كما صرح به بعد بابين (قوله فاقصر) بألف موصولة ومهملة ومكسورة قال ابن عبد البر هذا الحديث يدخل عندهم في المسند لأن المراد بالسنة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أطلقت ما لم تضف إلى صاحبها كسنة العمرين (قلت) وهي مسئلة خلاف عند أهل الحديث والأصول وجمهورهم على ما قال ابن عبد البر وهي طريقة البخاري ومسلم ويقويه قول سالم لابن شهاب إذ قال له أفعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وهل يتبعون في ذلك إلا سنته وسيأتي بعد باب (قوله وعجل الوقوف) قال ابن عبد البر كذا رواه القعنبي وأشهب وهو عندي غلط لأن أكثر الرواة عن مالك قالوا وعجل الصلاة قال ورواية القعنبي لها وجه لأن تعجيل الوقوف يستلزم تعجيل الصلاة (قلت) قد وافق القعنبي عبد الله بن يوسف كما ترى ورواية أشهب التي أشار إليها عند النسائي فهؤلاء ثلاثة رأوه هكذا فالظاهر أن الاختلاف فيه من مالك وكأنه ذكره باللازم لأن الغرض بتعجيل الصلاة حينئذ تعجيل الوقوف قال ابن بطال وفي هذا الحديث الغسل للوقوف بعرفة لقول الحجاج لعبد الله أنظرني فانتظره وأهل العلم يستحبونه انتهى ويحتمل أن يكون ابن عمر إنما انتظره لحمله على أن اغتساله عن ضرورة نعم روى مالك في الموطأ عن نافع أن ابن عمر كان يغتسل لوقوفه عشية عرفة وقال الطحاوي فيه حجة لمن أجاز المعصفر للمحرم وتعقبه ابن المنير في الحاشية بأن الحجاج لم يكن يتقي المنكر الأعظم من سفك الدماء وغيره حتى يتقي المعصفر وإنما لم ينهه ابن عمر لعلمه بأنه لا ينجع فيه النهي ولعلمه بأن الناس لا يقتدون بالحجاج انتهى ملخصا وفيه نظر لأن الاحتجاج إنما هو بعدم إنكار ابن عمر فبعدم إنكاره يتمسك الناس في اعتقاد الجواز وقد تقدم الكلام على مسئلة المعصفر في بابه وقال المهلب فيه جواز تأمير الأدون على الأفضل وتعقبه ابن المنير أيضا بأن صاحب الأمر في ذلك هو عبد الملك وليس بحجة ولا سيما في تأمير الحجاج وأما ابن عمر فإنما أطاع لذلك فرارا من الفتنة قال وفيه أن إقامة الحج إلى الخلفاء وأن الأمير يعمل في الدين بقول أهل العلم ويصير إلى رأيهم وفيه مداخلة العلماء السلاطين وأنه لا نقيصة عليهم في ذلك وفيه فتوى التلميذ بحضرة معلمه عند السلطان وغيره وابتداء العالم بالفتوى قبل أن يسئل عنه وتعقبه ابن المنير بأن ابن عمر إنما ابتدأ بذلك لمسئلة عبد الملك له في ذلك فإن الظاهر أنه كتب إليه بذلك كما كتب إلى الحجاج قال وفيه الفهم بالإشارة والنظر لقول سالم فجعل الحجاج ينظر إلى عبد الله فلما رأى ذلك قال صدق انتهى وفيه طلب العلو في العلم لتشوف الحجاج إلى سماع ما أخبره به سالم من أبيه ابن عمر ولم ينكر ذلك ابن عمر وفيه تعليم الفاجر السنن لمنفعة الناس وفيه احتمال المفسدة الخفيفة لتحصيل المصلحة الكبيرة يؤخذ ذلك من مضي ابن عمر إلى الحجاج وتعليمه وفيه الحرص على نشر العلم لانتفاع الناس به وفيه صحة الصلاة خلف الفاسق وأن التوجه إلى المسجد الذي بعرفة حين تزول الشمس للجمع بين الظهر والعصر في أول وقت الظهر سنة ولا يضر التأخر بقدر ما يشتغل به المرء من متعلقات الصلاة كالغسل ونحوه وسيأتي بقية ما فيه في الذي يليه (قوله باب الوقوف على الدابة بعرفة) أورد فيه حديث أم الفضل في فطره صلى الله عليه وسلم يوم عرفة بها وقد تقدم قريبا ويأتي الكلام عليه في كتاب الصيام وموضع الحاجة منه قوله فيه وهو واقف على بعيره وأصرح منه حديث جابر الطويل عند مسلم ففيه ثم ركب إلى الموقف فلم يزل واقفا حتى غربت
(٤٠٩)