فساءه ذلك فأتى في منامه وأخرجه أبو نعيم في المستخرج عنه وكذا الإسماعيلي من طريق علي بن عياش عن شعيب وفيه تعيين أحد الاحتمالات التي ذكرها ابن التين وغيره قال الكرماني قوله أتى أي أرى في المنام أو سمع هاتفا ملكا أو غيره أو أخبره نبي أو أفتاه عالم وقال غيره أو أتاه ملك فكلمه فقد كانت الملائكة تكلم بعضهم في بعض الأمور وقد ظهر بالنقل الصحيح أنها كلها لم تقع إلا النقل الأول (قوله أما صدقتك على سارق) زاد أبو أمية فقد قبلت وفي رواية موسى بن عقبة وابن لهيعة أما صدقتك فقد قبلت وفي رواية الطبراني أن الله قد قبل صدقتك وفي الحديث دلالة على أن الصدقة كانت عندهم مختصة بأهل الحاجة من أهل الخير ولهذا تعجبوا من الصدقة على الأصناف الثلاثة وفيه أن نية المتصدق إذا كانت صالحة قبلت صدقته ولو لم تقع الموقع واختلف الفقهاء في الإجزاء إذا كان ذلك في زكاة الفرض ولا دلالة في الحديث على الإجزاء ولا على المنع ومن ثم أورد المصنف الترجمة بلفظ الاستفهام ولم يجزم بالحكم فإن قيل إن الخبر إنما تضمن قصة خاصة وقع الاطلاع فيها على قبول الصدقة برؤيا صادقة اتفاقية فمن أين يقع تعميم الحكم فالجواب أن التنصيص في هذا الخبر على رجاء الاستعفاف هو الدال على تعدية الحكم فيقتضي إرتباط القبول بهذه الأسباب وفيه فضل صدقة السر وفضل الإخلاص واستحباب إعادة الصدقة إذا لم تقع الموقع وأن الحكم للظاهر حتى يتبين سواه وبركة التسليم والرضا وذم التضجر بالقضاء كما قال بعض السلف لا تقطع الخدمة ولو ظهر لك عدم القبول (قوله باب إذا تصدق) أي الشخص (على ابنه وهو لا يشعر) قال الزين بن المنير لم يذكر جواب الشرط اختصارا وتقديره جاز لأنه يصير لعدم شعوره كالأجنبي ومناسبة الترجمة للخبر من جهة أن يزيد أعطى من يتصدق عنه ولم يحجر عليه وكان هو السبب في وقوع الصدقة في يد ولده قال وعبر في هذه الترجمة بنفي الشعور وفي التي قبلها بنفي العلم لأن المتصدق في السابقة بذل وسعه في طلب إعطاء الفقير فأخطأ اجتهاده فناسب أن ينفي عنه العلم وأما هذا فباشر التصدق غيره فناسب أن ينفي عن صاحب الصدقة الشعور (قوله حدثنا محمد بن يوسف) هو الفريابي وأبو الجويرية بالجيم مصغرا اسمه حطان بكسر المهملة وكان سماعه من معن ومعن أمير على غزاة بالروم في خلافة معاوية كما رواه أبو داود من طريق أبي الجويرية (قوله أنا وأبي وجدي) اسم جده الأخنس بن حبيب السلمي كما جزم به ابن حبان وغير واحد ووقع في الصحابة لمطين وتبعه البارودي والطبراني وابن منده وأبو نعيم أن اسم جد معن بن يزيد ثور فترجموا في كتبهم بثور وساقوا حديث الباب من طريق الجراح والد وكيع عن أبي الجويرية عن معن بن يزيد بن ثور السلمي أخرجه مطين عن سفيان بن وكيع عن أبيه عن جده ورواه البارودي والطبراني عن مطين ورواه ابن منده عن البارودي وأبو نعيم عن الطبراني وجمهور الرواة عن أبي الجويرية لم يسموا جد معن بل تفرد سفيان بن وكيع بذلك وهو ضعيف وأظنه كان فيه عن معن بن يزيد أبي ثور السلمي فتصحفت أداة الكنية بابن فإن معنا كان يكنى أبا ثور فقد ذكر خليفة بن خياط في تاريخه أن معن بن يزيد وابنه ثورا قتلا يوم مرج راهط مع الضحاك بن قيس وجمع ابن حبان بين القولين بوجه آخر فقال في الصحابة ثور السلمي جد معن بن يزيد بن الأخنس السلمي لأمه فإن كان ضبطه فقد زال الإشكال والله أعلم وروي عن يزيد بن أبي حبيب أن معن بن يزيد شهد بدرا هو وأبوه وجده ولم يتابع على ذلك
(٢٣١)