فعلوا ذلك بناء على ما ظنوه من أن التطوف بينهما من فعل الجاهلية ووقع في رواية سفيان المذكورة إنما كان من لا يطوف بينهما من العرب يقولون إن طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية وهو يؤيد ما شرحناه أولا (قوله فاسمع هذه الآية نزلت في الفريقين) كذا في معظم الروايات بإثبات الهمزة وضم العين بصيغة المضارعة للمتكلم وضبطه الدمياطي في نسخته بالوصل وسكون العين بصيغة الأمر والأول أصوب فقد وقع في رواية سفيان المذكورة فأراها نزلت وهو بضم الهمزة أي أظنها وحاصله أن سبب نزول الآية على هذا الأسلوب كان للرد على الفريقين الذين تحرجوا أن يطوفوا بينهما لكونه عندهم من أفعال الجاهلية والذين امتنعوا من الطواف بينهما لكونهما لم يذكرا (قوله حتى ذكر ذلك بعد ما ذكر الطواف بالبيت) يعني تأخر نزول آية البقرة في الصفا والمروة عن آية الحج وهي قوله تعالى وليطوفوا بالبيت العتيق ووقع في رواية المستملي وغيره حتى ذكر بعد ذلك ما ذكر الطواف بالبيت وفي توجيهه عسر وكأن قوله الطواف بالبيت بدل من قوله ما ذكر بتقدير الأول إنما امتنعوا من السعي بين الصفا والمروة لأن قوله وليطوفوا بالبيت العتيق دل على الطواف بالبيت ولا ذكر للصفا والمروة فيه حتى نزل إن الصفا والمروة من شعائر الله بعد نزول وليطوفوا بالبيت وأما الثاني فيجوز أن تكون ما مصدرية أي بعد ذلك الطواف بالبيت الطواف بين الصفا والمروة والله أعلم (قوله باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة) أي في كيفيته (قوله وقال ابن عمر الخ) وصله الفاكهي من طريق ابن جريج أخبرني نافع قال نزل ابن عمر من الصفا حتى إذا حاذى باب بني عباد سعى حتى إذا انتهى إلى الزقاق الذي يسلك بين دار بني أبي حسين ودار بنت قرظة ومن طريق عبيد الله بن أبي يزيد قال رأيت ابن عمر يسعى من مجلس أبي عباد إلى زقاق ابن أبي حسين قال سفيان هو بين هذين العلمين وروى ابن أبي شيبة من طريق عثمان بن الأسود عن مجاهد وعطاء قال رأيتهما يسعيان من خوخة بني عباد إلى زقاق بني أبي حسين قال فقلت لمجاهد فقال هذا بطن المسيل الأول اه والعلمان اللذان أشار إليهما معروفان إلى الآن وروى ابن خزيمة والفاكهي من طريق أبي الطفيل قال سألت ابن عباس عن السعي فقال لما بعث الله جبريل إلى إبراهيم ليريه المناسك عرض له الشيطان بين الصفا والمروة فأمر الله أن يجيز الوادي قال ابن عباس فكانت سنة وسيأتي في أحاديث الأنبياء أن ابتداء ذلك كان من هاجر وروى الفاكهي بإسناد حسن عن ابن عباس قال هذا ما أورثتكموه أم إسماعيل وسيأتي حديثه في آخر الباب في سبب فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ثم أورد المصنف في الباب أربعة أحاديث * أولها حديث ابن عمر (قوله حدثنا محمد بن عبيد) زاد أبو ذر في روايته هو ابن أبي حاتم ولغيره محمد بن عبيد ابن ميمون وهو الصواب وبه جزم أبو نعيم ولعل حاتما اسم جد له إن كانت رواية أبي ذر فيه مضبوطة وقد ذكر أبو علي الجياني أنه رآه بخط أبي محمد الأصيلي في نسخته حدثنا محمد بن عبيد ابن حاتم (قوله كان إذا طاف (2) الطواف الأول) أي طواف القدوم (قوله خب) بفتح المعجمة وتشديد الموحدة وقد تقدم في باب من طاف إذا قدم مكة (قوله وكان يسعى بطن المسيل) أي المكان الذي يجتمع فيه السيل وقوله بطن منصوب على الظرف وهذا مرفوع عن ابن عمر وكأن المصنف بدأ بالموقوف عنه في الترجمة لكونه مفسرا لحد السعي والمراد به شدة
(٤٠١)